تطلعات مشروعة

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

 

يتطلع الكثيرون من موظفي القطاع العام والخاص خلال المرحلة المُقبلة إلى صدور قانون الحماية الاجتماعية، وهم كلهم أمل بصدور نظام تقاعدي ضمن منظومة الحماية الاجتماعية المرتقبة يُلبي سقف تطلعاتهم وطموحهم.

ولكون المرحلة تتطلب التغيير، لأسباب تتعلق بترشيد الإنفاق وترشيق الجهاز الإداري للدولة، وكذلك لضمان إيجاد كيانات مالية ضخمة تدعم توجهات البلاد خلال المرحلة المُقبلة، ومواكبة لرؤية عمان 2040، فقد صدر المرسوم السلطاني رقم (33/ 2021) القاضي بإنشاء صندوقين تقاعديين فقط عوضًا عن الصناديق الحالية؛ حيث إنَّ هذا التوجة محمود وهو في ذات الوقت يدعم محور الإنسان والمجتمع بالرؤية، تحديدًا ركيزة تعزيز الرفاه الاجتماعي التي تهدف إلى إرساء مبدأ العدالة والمساوة بين أفراد المجتمع العُماني.

ويتطلع أبناء المجتمع إلى صدور نظام تقاعدي ضمن منظومة الحماية الاجتماعية يُلبي تطلعاتهم من حيث تحسين المنافع التقاعدية ومراعاة اشتراطات التقاعد لبعض قطاعات الأعمال التي تختلف من قطاع لآخر فهناك من ليست لديه مشكلة في المكوث بالوظيفة لأطول فترة ممكنة وهناك آخرون لا يستطيعون ذلك؛ حيث إن بعض القطاعات يعتبر العمل فيها شاقا وأخرى شاقا جدًا ومنها الأعمال المرتبطة بقطاع النفط والغاز؛ سواء مجال الحفر والتنقيب أو الإنتاج أو حتى الخدمات الإنشائية المساندة، حيث إن بيئة العمل وحدها تتطلب الحذر التام لضمان سلامة العاملين في مناطق الامتياز بالإضافة إلى أن بعض الأعمال في هذا القطاع يتناوب عليها العاملون على مدار 24 ساعة بدون توقف. كما إن بعض أعمال هذا القطاع شاقة وتتطلب قوة بدنية وجسمانية تتناسب وحجم مهام الأعمال المراد إنجازها بالإضافة إلى أن العاملين في أجهزة الحفر يتعاملون يوميًا مع معدات ذات أوزان ثقيلة يتطلب نقلها أحيانًا بواسطة العاملين أنفسهم، وكذلك الحال بالنسبة للعاملين في قطاع اللوجيستيات، فهم يشتركون والعاملين أيضًا في قطاع الموانئ وخاصة مشغلي الرافعات البرجية الذين يجلسون في كابينة القيادة لساعات وكذلك أعمال الشحن والتفريغ والتي تتطلب المناولة والحركة المستمرة، إضافة إلى سياقة الشاحنات لمسافات طويلة، فإصابات الظهر يجب أن يتم مراعاتها وعدم تجاهلها عند إعداد جدول الأمراض المهنية.

ولا ننسى موظفي بعض قطاعات الأعمال الحكومية الذين هم الآخرون لديهم أعمال فيها شيء من المشقة والخطورة؛ حيث تتطلب بعض الوظائف والمهن الجلوس لفترات طويلة كالمحاسبين والمدققين وحتى المعلمين فهم ليسوا بعيدين عن أمراض الديسك واحتكاك وتآكل الفقرات التي بدورها تتطلب المراعاة. وهناك العاملون لدى البلديات ودوائر الزراعة والثروة الحيوانية فهم ليسوا ببعيدين عن المخاطر المحيطة بمهم، كمخاطر التعامل مع المواد الكيماوية؛ سواءً المبيدات الزراعية أو غيرها كتلك المتعلقة بالصحة العامة حيث إنَّ جميع هذه المخاطر يجب أن يتم أخذها في الاعتبار عند إعداد جدول الأمراض المهنية الذي سيتضمنه النظام الجديد، حيث إنَّ أمراض الظهر لا تظهر بين يومٍ وليلة بل تظهر نتيجة تراكمات سابقة وكذلك التعرض للمواد الكيماوية بمختلف أشكالها تتطلب فترة تعرض طويلة حتى تبدأ الأعراض بالظهور وطبيًا فإنَّ بعض الأمراض المهنية قد تظهر لدى الشخص خلال فترة تمتد بين 10 إلى 20 سنة، وهي خلاف الحوادث التي تظهر نتائجها بشكل مُباشر.

وأن الكثير من المتقاعدين حاليًا يتطلعون إلى تحسين المنافع الخاصة بهم وهذا بدوره يتطلب من اللجنة التأسيسية العاملة على المنظومة الجديدة ضرورة بذل جهود مضاعفة نحو إيجاد سلسلة منافع موازية للمعاشات التقاعدية، حيث يتطلب توفير نوعين من المنافع، بعضها يتعلق بتخفيض رسوم الخدمات الحكومية، وبعضها الآخر يتعلق بمجموعة خصومات على المنتجات والخدمات التي تمس متطلبات المعيشة اليومية. وهناك باقات تقدمها بعض الشركات المتخصصة لمثل هذه الفئات توفر عددًا من المميزات كالتخفيضات على أسعار منتجات التأمين وتذاكر السفر ونفقات العلاج لدى المؤسسات الصحية الخاصة والخصومات على السلع والمنتجات لدى بعض المراكز التجارية وغيرها بحسب الباقات المختارة. والنوع الثاني من المميزات قد يصعب على أنظمة التقاعد تأمينها حالياً لكون أنظمة التقاعد والتأمينات الاجتماعية تمويل منافعها محسوب اكتواريًا ولا توجد إمكانية لديها لدعم مثل هكذا برامج، إلا أن إيجاد مصادر تمويل أخرى أمر في غاية الأهمية لأنه من الضرورة بمكان أن يحظى المتقاعد بمميزات تعوضه جزءًا يسيرًا من فقده الفارق المالي بين أجر الوظيفة ومعاش التقاعد.

ولكون توجهات رؤية "عُمان 2040" تدعم التحول نحو منظومة حماية اجتماعية تلبي طموحات أبناء المجتمع العُماني لذلك فهذه التطلعات واقعية وتلبيتها ليست بالأمر الصعب.