اختر لحُلمك قياسًا.. وإلّا!!

 

 

الطليعة الشحرية (حالوت أليخاندرو)

(1)

حُلم على مقاسك

"احلم على قدَّك"، وهل للأحلام مقاس؟ وهل للخيال سقف؟ سألته يوما: أشعر أني أحبك، وأنك حُلم أكبر مني، فهل تشاركني الرأي؟ ابتسم، وسأل: هل تَحِيكِين كلَّ أحلامك؟

أطرقتُ أفكر وأستعيد شريط أحلامي المُهترئ، كلها تبخَّرت رغم أنَّنى أخذتُ قياساتها بشكلٍ صحيح، رفعتُ رأسي، وأجبته بجمود: أحلامي لم تعد على قياسي، أظنُّ أنَّني أخطأت في القياس.

(2)

على قد لحافك.. مدّ رجولك

أتخشَى الهزيمة؟ تستمرُّ في تقليص خطواتك؛ فلا تخوض في مشروع جديد أو مغامرة تتمناها خشية الخسارة، تنحسر مقاسات أحلامك بالأعذار التي تُقدِّمها لنفسك على طبق الحكمة المسمومة والعادات الغالبة وسلوك التطبُّع السائد، فلا تمدّن رجليك إلا على قد لحافك.

(3)

بلا غمد

ستتوالى سلسلة الحروب منذ لحظة ميلادك الأولى، وُلِدتُ باكيًا وستموت مبكيًّا عليك إن استحقَّ الأمرُ ذلك؛ وبين هذه وتلك ستخوض معاركَ كثيرة برغبة منك أو بدون رغبة، إلى أن تنطلق صافرة إنذار (Game over)، وقبل انطلاق الصافرة بلحظات، سيُطرقُ في رأسك مسمارٌ منسيٌّ، هل اشتريت حُلمًا؟ أو بعت حُلمًا؟ قد يقع المسمار وتدرك (آهٍ لو كنت أعلم)، كنت تفاديت بعضًا من عثراتي.

كُنت تفاديت بعضًا من الحروب التي لا طائل منها، معارك في الدراسة والعمل والحياة والاسرة، إلى أن أصل إلى معركة الشيخوخة، لو كنت أعلم لأحسنت اختيار معاركي، في الحروب لا أحد ينتصر دائمًا، ولكنْ حقُّ الاختيار شجاعة وحقُّ المواجهة ذكاء.

التلاطُم، وخوض غمار معارك لن تنتهي كصراعٍ وهمي مع الوقت، رغبة في مقارعته والفوز، تنتهي بتسرُّب ثلاثين عامًا من عُمركِ، فيقرع الوقت بسؤال: هل عشت تلك السنوات على الأرض تبيع أحلامك؟ أم كنت تتحكَّم بامتداد ساقك على مقاس لحافك؟

ستُدرك حينها أنَّك أضحوكة، تنظرُ إلى من حَولك لتقلده، والآن تقف بجانبه وتفعل مثله، تنفض الغبار عن أحلامٍ لم تكُن على مقاسك من الأساس.

(4)

الهزيمة

ليستْ الهزيمة في الدراسة ولا العمل، بل في اختيارك لحياة أُختِيرت لك، حان وقت الاستقرار، يُسرعُ الجميع بحياكة حلم جديد بمقاسٍ جديد، ستلبسه لأن لونه موضة العام، ولأنه أمر طبيعي في مسار حياتك، وستخوض غمارَ المُهمَّة، قد تنجح وقد تفشل، وستتحمل الهزيمة وحدك بمنأى عن جميع من تهافت لقياس الحلم وتفصيله.

هزيمتُك أشبه بمن تزحلق بقشرة موز أكلها، ورمى القشرة، تلك معركة تُحسب عليك، تورطت بها بفرمان اخترته بشجاعة، وخانك ذكاؤك في تقدير الحسابات، لم تُقلِّب الأمور يمنة ويسرة، فوق وتحت، وتضع السيناريو لكل حالة، وترسم خطة للانسحاب إذا اضطُرت لذلك.

إنَّها الروح التي خُضت بها المعركة، روح مُتردِّدة، مُنهزمة، خائفة، أنت تعلم بأنَّ الحُلم لم يكن على مقاسك.

(5)

دكاكين الأحلام فارغة

الناجون بأحلامهم هم من يثقون بأنَّ الهزيمة والانتصار متساويان؛ لذا اختر مَعاركك لا تدع الآخرون يختارونها لك، هل فكَّرت ببساطة ما هو قياس حلمك وليس قياس قدمك؟ لا تَلُم نفسك ولا تجلد ذاتك، ولا تحمل اختيارات الآخرين على ظهرك، ولا تركن إلى زاوية القناعة بحجة "أنَّا راضي"، خشية الوقع والتعثر، أو تعقد حسابات خاطئة وتفشل.

استقبل الأمر ببساطة، لملم شتاتك، واستعد للوقوف مرة أخرى، لتخُوض المعركة من جديد. حدِّد أسباب الفشل بدقة، والأخطاء التي وقعت فيها، والقرارات الخطأ التي اتَّخذتها، أو حتى الظروف الخارجة عن إرادتك التي وقعت لك ولم تكن في حسبانك.

اختر نقطة جديدة للبدء، لا يمكن أن تستخدم ذات نقطة الانطلاق من جديد، وإلا فلا تنتظر نتائج مختلفة.

انجُ بما تبقَّى من أحلامك، قبل أن تعلق في دكان النسيان مُهتَرِئة عفنة، إذا نَفَضت ما علق بها من غبار اكتشفت أنها احلامٌ لم تكن على مقاسك يومًا.