مدرين المكتومية
الحديث عن العلاقات العُمانية الإماراتية لا يحتاج إلى مُقدمات أو دباجات؛ بل ينطلق مباشرة من القلب إلى القلب، فسلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة أكثر دولتين في مجلس التعاون الخليجي بل والمنطقة العربية، تربطهما وشائج القربى والنسب، والعلاقات المتينة المتداخلة في مختلف مناحي الحياة، فنحن هنا لا نتحدث فقط عن دولتين جارتين أو عضوين في مجلس تعاون واحد أو حتى جامعة عربية واحدة؛ بل عن دولتين شقيقتين تربطهما أواصر صلبة وراسخة، وشعبين متحابين كلٌ منهما يُكرم الآخر بلا حدود.
هكذا هي علاقة العُمانيين والإماراتيين، علاقة أهل وعائلات وقبائل تتشارك الوطنين، حيث يعيش العمانيون في الإمارات دون أن يشعروا بالغربة أو الابتعاد عن وطنهم الأم، ويأتي إلينا الإماراتيون وفي داخلهم أنهم بين أهليهم وداخل وطنهم الكبير. والزيارة الكريمة التي يقوم بها صاحب السُّمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة إلى سلطنة عُمان، تجسّد تميّز العلاقات الأخوية بين البلدين، فقد كان حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في مقدمة مستقبلي سموه في المطار السلطاني؛ حيث أجريت مراسم استقبال حافل لضيف البلد العزيز، امتدت هذه المراسم إلى ولاية مسقط حيث يقع قصر العلم العامر، وهناك تداخل الاستقبال الشعبي مع الاستقبال الرسمي، فشاهدنا 600 مواطن ومواطنة يحتفون بالضيف الكبير، مقدمين الأهازيج العُمانية الأصيلة، بينما كانت تُعزف الموسيقى التقليدية وتُدق الطبول ترحيبًا وفرحة بالرئيس الإماراتي. وبالتوازي مع هذا المشهد الرائع، كانت الخيالة السلطانية تحيط بالموكب الرسمي، في عرض مُبهر عكس عراقة التقاليد العُمانية في استقبال الضيوف الرسميين، وأكدت محبة العمانيين للرئيس الإماراتي.
ومما يُعضد ذلك، أن حكومتي البلدين عازمتين على مواصلة تعميق العلاقات في شقها الاقتصادي، من خلال الحرص المُتبادل على زيادة معدلات التجارة البينية وضخ المزيد من الاستثمارات في شتى القطاعات، الأمر الذي سيعود بالنفع على الشعبين. وتأكيدًا على قوة العلاقات الاقتصادية، نشير إلى أن الصادرات العُمانية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة تجاوزت 1.3 مليار ريال في عام 2021، بينما وصلت قيمة الواردات الإماراتية إلينا لأكثر من 4 مليارات و200 مليون ريال، وهذه الأرقام مُرشحة للزيادة والازدهار في ضوء ما ستسفر عنه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين على هامش هذه الزيارة. نضيف إلى ذلك أن حجم الاستثمارات الإماراتية في عُمان وصل لما يزيد عن 1.2 مليار ريال، محققًا خلال العام الماضي زيادة بنحو 42%، وذلك مؤشر على الحرص الإماراتي على ضخ رؤوس الأموال في السوق العماني الجاذب للاستثمارات.
التوقعات التي صاحبت هذه الزيارة تصب في مصلحة الشعبين والبلدين؛ حيث من المؤمل أن تدعم زيارة الشيخ محمد بن زايد جهود التكامل الاقتصادي بين عمان والإمارات من جهة، وبين مختلف دول مجلس التعاون الخليجي من جهة أخرى، من خلال تعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة اقتصاديًا واستثماريًا، والعمل على تسهيل الإجراءات في كلا البلدين من أجل جذب أصحاب الأعمال والمستثمرين، لا سيما وأنَّ السلطنة تقدم حزمة من الحوافز والمزايا الاستثمارية التي من شأنها أن تستقطب رؤوس الأموال الباحثة عن الملاذات الآمنة اقتصاديًا، ولن يجدوا بكل تأكيد أفضل من وطننا العزيز عُمان، لما تتمع به من استقرار على المستويات كافة.
وأخيرًا.. إن العلاقات العمانية الإماراتية تلقت دفعة قوية بهذه الزيارة العزيزة، وذلك اللقاء الأخوي بين عاهلي البلدين، والمستقبل سيحمل بإذن الله الخير الكثير للشعبين الشقيقين، وسيجني كلا البلدين ثمار هذه الزيارة خلال المرحلة المقبلة، في صورة مشاريع مشتركة واستثمارات متنوعة، علاوة على فتح آفاق أرحب لمستقبل العلاقات على مختلف الصُعُد.