في التسعين (14)

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

khalidalgailni@gmail.com

@khalidalgailani

 

في الأسبوع الماضي لم يطاوعني اليَرَاع، ولم تسعفني الكلمات؛ إذ إنَّ الحدث كان جللًا والفقد عظيمًا، إنها الأم جنة الدنيا والآخرة، والتسليم بقضاء الله تعالى وأمره النافذ ضرورة من ضرورات الحياة، وعمل من أعمال الأخرة.

وأعود هذا الأسبوع لمواصلة هذه التسديدات الرياضية التي ما ينفك يوم إلا وحدث جديد؛ والتسديدة الأولى لأمر يدعو للعجب الشديد، والحزن الشديد، فاليوم تُجرى قرعة كأس مولانا المعظم لكرة القدم، وهي المسابقة الأغلى والأعز على قلوب كل رياضي، وهي الطموح المنشود، والغاية المقصودة من كل من أدرك المعنى الحقيقي لمثل هذه المسابقات.

تُجرى القرعة بمشاركة 28 ناديًا، فهل يعقل ألا تشارك كل الأندية في حدث وطني كهذا؟ هل يعقل بدلاً من زيادة العدد نرجع القهقرى؟ بل وننحدر في مسار كان الأولى فيه الصعود والعلو!! وكم هو محزن ومزعج ألا يشارك عدد من الأندية في هذه المسابقة، كم هو مستغرب أن نترك كل الواجب والأهداف والرغبات والغايات ولا نُشارك في مثل هذه المسابقة على أغلى الكؤوس، وأعظم الإنجازات.

إن عدم المشاركة أمر يجب أن ينتبه وينتفض له كل محب لهذا الوطن عاشق لترابه راغب في تطوير رياضته، فلا يمكن قبول أي عذر مهما كان لأي نادٍ اعتذر عن المشاركة في هذه البطولة المنتظرة، وعلى من يعنيه الأمر أن ينظر لهذا الحدث بعين بصيرة، تعرف موطن الخلل فتضع حلا جذريا له؛ فمسابقة الكأس الغالية إما أن تشارك فيها جميع الأندية دون استثناء، أو لا رجاء في التطوير.

لستُ هنا لأهول الأمر فهو مهول فعلًا، لكن لأبعث رسالة واقعية؛ فكيف لمجلس إدارة بمجرد جرة قلم يرد بلا للمشاركة في مسابقة هي حدث وطني منتظر، وتظاهرة رياضية تشرئب لها الأعناق، وتهفو لها الأفئدة. فترك العمل بالنادي أولى لمن قرر عدم المشاركة في مسابقة الكأس الغالية!

التسديدة الثانية لربما تكون مكررة ولكن الأمر زاد عن حده، وتجاوز كل منطق مقبول، ورأي سديد، وهنا دعوة للجهات ذات العلاقة التي عليها واجب التدخل وبقوة فيما يحدث من تراشق عبر منصات التواصل المختلفة بين فريقين يعملان في مجال الإعلام الرياضي، الذي كان من الأجدى أن يعملان معًا، لا أن يعملا بهذا الشكل الذي فيه من التنافر والتباغض ما فيه، وأصبح مثارًا لكثير من التأويلات التي ضررها أكثر من نفعها، وعلى ذوي الاختصاص وضع حد لمثل هذا، فالرياضة رياضة الجميع، وهي تتسع للكل، وتحتاج لجهود الكل، وتتطلب مصداقية وموضوعية الكل. نحن بحاجة لإعلام رياضي مُتفق في السعي للتطوير، وإظهار كل أمر على حقيقته، فإن كان غير ذلك فلا فوائد منه.

التسديدة الثالثة لمن ينظر لمسألة العمل في الاتحادات والأندية على أنها مجال للصراعات، وتصفية الحسابات، وكيل التهم وتوجيه الإساءة لطرف من طرف. لا أيها العقلاء؛ فهذه المؤسسات جعلت لتأكيد العمل المشترك، وتعزيز التعاون، وتقريب وجهات النظر، وقبل كل ذلك هي مؤسسات للجميع، وتخدم الوطن والجميع.

نعم.. لا بأس من وجهات نظر مختلفة، وآراء متفاوتة، ومقترحات عديدة؛ المهم أنها تصب في ذات الهدف والمصلحة، بعيدة عن كل شخصنة، ويجب ألا تصل لدرجة الخلاف الذي يبعد ولا يقرب، ويفرق ولا يجمع.

الرياضةُ محبةٌ وتسامحٌ.. فكونوا كذلك دومًا وأبدًا.