20 حزمة لإنعاش العقارات

 

سالم البادي (أبو معن) **

 

نسعى دائمًا إلى مد جسور التعاون والتواصل والتكاتف مع شركائنا؛ سواءً في القطاع الحكومي أو الخاص من أجل رقي وطننا العزيز، وتحقيق طموحاتنا الوطنية من خلال طرحنا البناء وإسهامنا في تطوير منظومة القطاع العقاري والنهوض والارتقاء به إلى الأفضل دائمًا وأبدًا.. وفي هذا المقال نُسلط الضوء على بعض الاقتراحات والمرئيات، مساهمة منِّا في إيضاح بوصلة القطاع وتنمية وتطوير وتصحيح مسار القطاع العقاري في سلطنة عُمان.

إن القطاع العقاري بحاجة إلى إرادة حقيقية وعزيمة قوية وإصرار على المضي قدمًا نحو تنمية وتطوير هذا القطاع الحيوي الاقتصادي المهم؛ كونه أحد الروافد الاقتصادية الرئيسية بعد النفط والغاز، وهو القطاع الوحيد الذي يربط جميع القطاعات التنموية والاستثمارية ببعضها البعض ولا مناص من الاهتمام والعناية به والرعاية.

وبما أن رؤية "عُمان 2040 " ترتكز على ثلاثة محاور أساسية وهي: «الإنسان والمجتمع»، و«الاقتصاد والتنمية»، و«الحوكمة والأداء المؤسسي»، فإنَّ هذا يدل على أن الخطة ترتكز على تنويع الاقتصاد العُماني مع تقليل الاعتماد على عائدات النفط والغاز، ومن أجل تعزيز التنافسية الاقتصادية، والرفاه الاجتماعي، وتحفيز النمو والثقة في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية في كافة محافظات السلطنة، لذا بات من الضرورة الدخول بالسلطنة عبر بوابة رؤية "عُمان 2040"؛ لمواجهة التحديات ومواكبة المتغيرات العالمية واستثمار الفرص المتاحة.

والاستثمار في القطاع العقاري من أكثر وأسرع وأكبر القطاعات الاستثمارية تحقيقًا للأرباح، ولكي نصل بالقطاع العقاري إلى مستويات أعلى ومعدلات جيدة، بحيث يصبح أكبر قطاع مساهمةً في الناتج المحلي، ويكون أكثر قطاع اقتصادي نموًا، وتحقيقًا لأعلى مستوى لجودة الحياة، وتعزيزًا للشراكات الاستراتيجية مع القطاع الخاص... فقد أرتأينا طرح مجموعة من الحزم التحفيزية للارتقاء بالقطاع العقاري إلى آفاق أوسع وأرحب وهي كالآتي:

أولًا: إنشاء لجنة عُليا للقطاع العقاري أو هيئة عامة مستقلة إداريًا وماليًا، يشرف عليها مباشرة مجلس الوزراء الموقر. وتسهم هذه اللجنة أو الهيئة في إعداد خطة شاملة ومستدامة لوضع القطاع العقاري، ووضع خطط تنموية واستثمارية قصيرة المدى وطويلة المدى، وحل المشكلات الاقتصادية التي تواجه القطاع العقاري وذلك بالطرق الحديثة والمتطورة التي من شأنها زيادة نشاط الحركة العقارية بالسوق العُماني، مع مراعاة ومتابعة عملية العرض والطلب على العقار، ومع تعزيز ثقة المستثمرين بالقطاع.

وهذه اللجنة العليا أو الهيئة العامة المقترحة لابُد أن تمتلك القدرة على رسم رؤية مستقبلية واضحة المعالم مع وضع تصور واضح لحاجة السوق العقاري من مشاريع تنموية واستثمارية، فضلًا عن الأهداف المرجو تحقيقها للسوق، وصولا لتحقيق التوازن المطلوب. وإذ نعول على تشكيل هذه اللجنة العليا كثيرا خاصة في هذه المرحلة الحالية التى نستشرف فيها بوادر انتعاش لسوق العقار.

ثانيًا: إنشاء "المعهد العقاري"؛ ويعنى بكل ما يتعلق بالقطاع العقاري وتنظم وتقام فيه الدورات التدريبية والتعليمية والورش التدريبية المؤهِّلة لصقل الشباب العُماني بمهارات العقار، بحيث يُصبح المعهد مظلة رئيسية للعقاريين والمستثمرين والمطورين والمسوقين والوسطاء المعتمدين وغيرهم.

ثالثًا: إعفاء أو تخفيض رسوم تسجيل وتوثيق التصرفات العقارية، ورسوم عقود البيع من 3% إلى دون ذلك، إضافة إلى تخفيض رسوم تسجيل شركات الاستثمار الأجنبي.

رابعًا: التركيز على المشاريع ذات الطلب المتزايد في السوق، أو الجديدة والمبتكرة، التي تخدم المجتمع، بحيث تصبح قيمة مضافة للسوق العقاري؛ كمشاريع وحدات التجزئة، أو مجمعات سكنية للطلاب والطالبات والموظفين، أو مشاريع سكن العمال، وهذه بحد ذاتها قد تساهم في زيادة جذب الاستثمار الأجنبي.

خامسًا: مراجعة نظام المنح والانتفاع للأراضي التطويرية، بحيث لا تكون حكرًا على شركات التطوير العقاري فقط، ويُسمح للمستثمر الفرد سواءً المحلي أو الأجنبي الانتفاع بالأراضي وفق إجراءات وشروط معينة سهلة وميسرة.

سادسًا: إعادة النظر في قرار منح الأراضي للمواطنين أو للخليجيين وإلغاء عبارة (لا يحق التصرف بالعقار إلا بعد مضي 4 سنوات أو بنائه)؛ لأن هذا القرار أحد أسباب تراجع التداولات العقارية بالسوق خلال الفترات السابقة.

سابعًا: وضع حدٍ لأصحاب الإعلانات والدعاية والترويج والتسويق على مواقع التواصل الاجتماعي لما لها من تداعيات سلبية على المجتمع وعدم مصداقية وانعدام الشفافية؛ إذ إن معظمها غير ملمّ بأوضاع السوق ولا تملك الخبرات الكافية في القطاع العقاري، لذا وجب تنظيم هذا الجانب ووضع قوانين وأنظمة وعقوبات صارمة على المسوقين غير المؤهلين، والوسطاء العقاريين غير المرخصين، فضلا عن المطورين العقاريين المخالفين للأنظمة والقوانين الخاصة بالتطوير العقاري.

ثامنًا: إعداد وصياغة عقود عقارية موحدة بين الشركات والمكاتب العقارية بصيغة قانونية تضمن ثقة المستثمرين وتحفظ حقوق جميع الأطراف القانونية.

تاسعًا: استحداث مخططات جديدة لإنشاء وإقامة مناطق سكنية جديدة ومدن ذكية مخصصة لذوي الدخل المحدود والمتوسط، بحيث تحد من الطلبات المتزايدة على السكن.

عاشرًا: إعادة النظر في تعديل قوانين إقامة المستثمرين الأجانب؛ لأنها تمثل عاملًا مهمًا لجذب رؤوس الأموال الأجنبية ورجال الأعمال المستثمرين، وبقاء أموال المقيمين واستخدامها في السوق العقار العُماني.

حادي عشر: إعداد وتصميم البرامج التدريبية والتعليمية في تخصصات قطاع العقار وفق أفضل الممارسات العالمية، وبما يلبي احتياجات ومتطلبات سوق العمل العقاري.

ثاني عشر: زيادة الدعم الحكومي للرعاية الاجتماعية والصحية والتخطيط المستقبلي لضمان الاستدامة.

ثالث عشر: طرح تسهيلات ومبادرات حكومية غير مسبوقة للمستثمرين، لإنعاش البيئة الاستثمارية واستقطاب مزيد من رؤس الأموال الأجنبية لتوظيفها بالسوق العُماني.

رابع عشر: طرح تسهيلات مصرفية للقروض العقارية وفق إجراءات مسهلة ومخفضة وسريعة، تحافظ على حقوق الأطراف وتمثل حافزاً للمستثمرين لدخول هذا القطاع الحيوي الاقتصادي المهم.

خامس عشر: استكمال وتطوير البنية الأساسية للقطاع العقاري وتنظيمه اعتمادا على قاعدة البيانات المتوفرة في الجهات والمؤسسات المعنية والمركز الوطني للإحصاء والمعلومات، وذلك من خلال الشراكة مع مؤسسات وشركات القطاع الخاص،مع إشراك المؤسسات المتخصصة وذات الخبرات العملية المتميزة في القطاع.

سادس عشر: توظيف تطبيقات التقنيات الحديثة ضمن الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع نظرا لقدرتها على استشراف الرؤى المستقبلية للأسواق، وفعاليتها في وضع خُطط تنموية للارتقاء بكفاءة الأعمال العقارية وجودتها وسرعة إنجازها، مع تعزيز أهداف الاستدامة.

سابع عشر: إبرام اتفاقيات تفاهم بين الجهات والمؤسسات المعنية بالقطاع العقاري مع دول مجلس التعاون الخليجي ومع عدد من الدول التي يتم التداول بعقاراتها مثل تركيا والبوسنة والهرسك وأوكرانيا وكرواتيا والأردن ولبنان ومصر والمغرب وماليزيا وغيرها لحماية حقوق المستثمر (العُماني) من ظاهرة عمليات البيع المشبوهة والنصب والاحتيال العقاري.

ثامن عشر: الاستفادة من الخبرات الدولية والاستعانة بها حول التشريعات والأطر القانونية والتقنيات الحديثة المتطورة التي تساعد على إقامة وتنظيم أسواق العقار والاجتماعات والمؤتمرات والمعارض العقارية الدولية، لصناعة أسواق مبتكرة ومميزة وأفضل تنظيما وجودة، ليتم طرح وتسويق وترويج المنتجات العقارية بشتى أنواعها وأشكالها بطرق مبتكرة وحديثة وسهلة وأقل جهدا وأسرع وقتا ممكنا.

تاسع عشر: تبني وتعزيز مبادرات وحوافز القطاع الخاص التي ترتقي بالقطاع العقاري ومجالاته المختلفة، بما في ذلك الدراسات والبحوث.

عشرون: تحفيز سوق العمل من خلال الإسهام في ترسيخ أخلاقيات المهنة وثقافة وقيم العمل في القطاع العقاري.

وختامًا نؤكد أن القطاع العقاري ما زال اللاعب الرئيسي وعاملًا ورافدًا اقتصاديًا مهمًا في التنمية المستدامة التي تعد أبرز مستهدفات رؤية "عُمان 2040"، ويجب أن يظل قطاعًا حيويًا تنمويًا اقتصاديًا يواكب النهضة المتجددة المباركة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- لتحقيق الرؤية ببناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ومواطن طموح ووطن نفخر به جميعًا بعزهِ وشموخهِ ورقيهِ وازدهارهِ..

إننا نطمح لبناء مستقبل واعد للقطاع العقاري، وانتعاش لحركة سوق العقار للعام المقبل 2023، بإذن الله تعالى.

** عضو الجمعية العقارية العمانية