◄ ابحثوا عن أصحاب الثياب المغبّرة الذين يمسكون بمفتاح الآلة للإنتاج أكثر ممن هم يمسكون بالقلم
إسماعيل بن شهاب البلوشي
بكل وضوح وبعيدًا عن أي تهويل أو تأويل، هل تحقق الشركات والمؤسسات الحكومية أرباحًا أو خسائر؟ وهل يوجد سقف وخطوط حمراء مرتبطة بحدٍ أو توقيت لا يمكن تجاوزه لإنجاز المشاريع؟ وإذا افترضنا أن هناك خسائر مثلًا: هل هناك من يتجرأ على المصارحة بالأسباب الفعلية لذلك؟ وهل وصلت جهة الإفصاح إلى المرحلة التي يمكن من خلالها لأي متابع أن يعرف ويكتب عن كل الحقائق ودون أي تحفظ.
السؤال الآخر: لماذا لا نجد بحثًا علميًا يضع إحدى الشركات نموذجًا، بهدف إطلاع المجتمع على كل شيء، باعتباره المعني وصاحب المصلحة الفعلية وينعكس عليه كل شيء.
الجميل في الأمر أن معظم الدائرة التي بيدها إدارة معظم تلك المؤسسات هم من حملة الشهادات العليا وأغلبهم يجيدون التحدث باللغات الأجنبية إجادة مطلقة، وهم من أصحاب الملابس اللامعة الأنيقة، وهم ممن يجيدون التعامل بالبروتوكول واستخدام الوسائل المتطورة في تناول الطعام، وهم يجيدون التواصل مع مختلف الشخصيات، ولكن ما يجب فهمه ودراسته واستيعابه بكل ترفع وحكمة هل من هم بهذه الصفات قادرون على الإنتاج والبيع والشراء وتحقيق إنتاج حقيقي يصل بالطموح إلى الأرباح والرفاهية؟ أم أن أصحاب هذه الصفات سينتجون فقط الأوراق الملونة للشرح والأحلام والحديث المقنع والاستخدام الراقي لأجهزة التكييف، وتكوين دائرة إقناع لا متناهية بين مختلف أجهزة الدولة، وإعطاء صورة نمطية جميلة على الورق وعلى أجهزة الباوربوينت؟!
اسمحوا لي أن أضع مقارنة قد لا تصل إلى حد التطابق، فمن خلال مقارنتين الأولى وهي هل هناك من تساءل عن إمكانية نجاح إنسان في السباحة من خلال تعلمه السباحة بالحديث والتوضيح ومساعدات التعليم ولو لعام كامل، والمقارنة الأخرى ومن خلال اطلاع الجميع ودون تحديد من هم الناجحون بصورة أكبر في التجارة، هل هم أصحاب الشهادات أم الأميون لكنهم عمليون كادحون، والأهم من ذلك هو: لماذا تكون هذه المفارقات الشخصية سببًا فعليًا وتنعكس بكل وضوح على أن ليس كل من كان الأول على دفعته في كلية التجارة مثلًا أصبح تاجرًا ناجحًا؟
أقول لكل من هو معني بمصلحة الوطن، ابحثوا عن أصحاب الثياب المغبّرة الذين يمسكون بمفتاح الآلة للإنتاج أكثر ممن هم يمسكون بالقلم، ابحثوا عن ذوي الصفات التي يطيب لها الغبار أكثر من صوت الموسيقى، ابحثوا عن الذين وهبهم الله بالفطرة مهارات الزرع والقطف والعطاء، بدلًا من أولئك الذين يجيدون اللحن في القلوب وبكل لغات التواصل الحقيقي، بين العامل الكادح وأكبر مدير، وليس مع أولئك المسؤولين الذين لا يعلمون عن خط الإنتاج ومصاعبه شيئًا؛ بل إنه متروك يصارع المصاعب ويبحث عن الحياة.
هناك فارق في البشر بين المعطي والمتربح وفي عبارتي الأخيرة وإذا أردتم معرفة شيء من صفاتهم فهي أنهم يطلبون القليل ويعلمون الكثير ولا يعرفون أنواع العطور، يعملون بكل جد وطموحهم العمل الذي هم مسؤولون عنه لا عن أعمالهم الخاصة، هم تلك الفئة التي تعمل من أول الصباح حتى آخر الليل وما زالت تشعر بالتقصير.