برنامج نجاح.. مبادرة تدعم التعليم العالي

 

خليل بن عبدالله الخنجي **

 

أقرب المبادرات التعليمية الناجحة إلى قلبي بعد مشروع جامعة مسقط، هو برنامج نجاح الذي كان ينبض بالحيوية في أروقة غرفة تجارة وصناعة عُمان، البرنامج تمَّ تأسيسه بمبادرة من الغرفة كبادرة مُقدرة من مجموعة من المتطوعين من أصحاب وصاحبات الأعمال ومهنيين وذوي خبرة في قطاع التعليم والتدريب وبالتالي لاقى تعاوناً وترحيبا كبيرين بين مجتمع الأعمال ومجلس إدارة الغرفة وإدارتها التنفيذية.

والبرنامج عبارة عن مشروع يدعم تعليم الطلبة والطالبات خريجي الدبلوم العام من أبناء أسر الضمان الاجتماعي وذوي الدخول المحدودة للحصول على فرصة دراسية عُليا لتكملة دراستهم في الجامعات والكليات ومعاهد التدريب المهني، وقد بدأ البرنامج نشاطاته في أواخر 2010 وتمَّ تدشينه رسميًا في مقر غرفة تجارة وصناعة عُمان بمسقط في العام 2011 برعاية كريمة من وزيرة التعليم العالي السابقة الدكتورة راوية بنت سعود البوسعيدية وبحضور الشيخ عبدالله بن ناصر البكري وزير القوى العاملة- حينذاك- وعدد كبير من أصحاب وصاحبات الأعمال والجهات الحكومية وأعضاء اللجنة؛ حيث قالت معاليها في الكلمة الافتتاحية للمناسبة: "إن القطاع الخاص استطاع أن يكون وفق التطلعات ويتوافق مع المتطلبات المتجددة لمراحل البناء وأن يُسهم في التنمية عبر قطاع التعليم العالي ويكون عنصرًا فاعلًا في نمائه سواء عبر استثماره في إيجاد مؤسسات التعليم العالي التي وصلت أعدادها اليوم إلى 27 جامعة وكلية أو عبر المنح التي تقدمها مؤسسات القطاع الخاص لأبناء هذا الوطن". وأضافت أن "برنامج نجاح يأتي كإحدى المحطات التي قدمها القطاع الخاص ومؤشر الوعي المتنامي لدى القائمين عليه حول ضرورة الانخراط الفعلي المباشر في الإسهام من أجل الاستثمار الوطني في قطاع التعليم العالي وإلى تضافر الجهود من أجل توفير أكبر عددٍ ممكن من تلك الفرص". وأكدت وزيرة التعليم العالي- حينذاك- أن تلك الجهود تأتي انعكاسا للقيم السامية التي يؤكد على غرسها ورعايتها باني نهضة عُمان السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- واستجابةً للتوجيهات السامية المُتواصلة للقطاع الخاص في أن يكون شريكًا مكملًا للحكومة في تعزيز عملية التنمية الشاملة والتي يأتي التعليم العالي على رأس أولوياتها".

ولأهمية البرنامج وخصوصيته ترأس رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان لجنة البرنامج بعضوية عدد من الشخصيات تفاوتت مدد عضويتهم وهم: مسرة عبداللطيف نائبة رئيس اللجنة، والسيدة زكية بنت حمد بن سعود البوسعيدية، وهناء بنت حسن الجمالية، ود. فؤاد بن جعفر الساجواني، وعبدالسلام بن محمد المرشدي، وخديجة بنت عبدالله بن محمد الخنجي، وأنيس بن حسن بن قمر سلطان، ومنى بنت عبدالله بن محمد الخنجي، والأستاذ مصطفى فهمي من جامعة السلطان قابوس، وحسام بن محمد الزبير، وأحمد بن عبدالله الخنجي، ومحمد بن أحمد الميمني، ورضا بن جمعة آل صالح بصفته أمين المال في الغرفة حينذاك؛ حيث فرغت إدارة الغرفة عددا من الموظفين لتسهيل عمل أعضاء اللجنة وتوثيق أعمالها واتصالاتها بالجهات المختلفة.

كان البرنامج يعتمد على تمويل القطاع الخاص من أفراد وشركات وجمعيات خيرية وهي: جامعة صحار، وكلية الزهراء للبنات، وكلية عمان للإدارة والتكنولوجيا، وجامعة الشرقية، ومجموعة عمران، وشركة عُمان للاستثمارات والتمويل، ومجموعة الخنجي، ومؤسسة ناصر عبداللطيف السركال، وموسى للاستثمار، ودار مسقط للصحافة والنشر، ودبليو جي تاول، وبنك صحار، وبنك عمان العربي، وبنك HSBC، والشركة الوطنية للغاز، وعقارات دوت كوم، وشركة كيمجي رامداس، وشركة نادان، وشركة الطاهر، إضافة لتبرعات بعض الأفراد وأعضاء اللجنة بأنفسهم الذين نرفع لهم القبعة لمساهمتهم المعنوية والمالية، بجانب قيامهم بعمل التقييم المبدئي للطلبة المترشحين بطريقة علمية، وبعد اجتيازهم الاختبار التحريري وكذلك المُقابلة الشخصية لكل طالب وطالبة على حدة، تنتهي بتوقيع عقد بين البرنامج والطلاب بحضور أولياء أمورهم، ويتعهدون فيه بالمواظبة على التعليم وعدم التغيب عن الدراسة. بعدها تتم متابعة الطلبة من قبل فرق عمل متخصصة من أعضاء البرنامج يتابعون من خلالها الطلبة من على مقاعد الدراسة في الجامعات والكليات وكذلك الاجتماع بإدارات الجامعات والكليات والمعاهد لتذليل أي معوقات تعيق دراسة الطلبة والطالبات وإيجاد الحلول المناسبة لها.

وقد استمر البرنامج في عمله حتى العام 2014، ووصل عدد الطلبة المستفيدين إلى 200 طالب وطالبة تخرج جميعهم في العديد من التخصصات المطلوبة في سوق العمل، وهذا يعد إنجازًا للقطاع الخاص ولغرفة تجارة وصناعة عُمان وذلك لمساهمته في المسؤولية الاجتماعية والأعمال الخيرية.

ومثله كمثل أي عمل واجه البرنامج مصاعب في الاستمرار لأسباب مختلفة منها خاصة وعامة.. لذلك وجب على غرفة تجارة وصناعة عمان إعادة تفعيل هذا البرنامج الوطني الذي أسس على منهج علمي عملي منتج وساهم في إيجاد شراكة حقيقية بين القطاع الخاص وبيت التجار "الغرفة" والمجتمع المحلي، وذلك للأسباب التي ذكرناها مسبقًا.

وإن كان للغرفة إيجاد حلول لكثير من المعوقات؛ فالأجدى أن تعيد تفعيل هذا البرنامج الذي توقف إلى ما يقارب ثماني سنوات، ولا شك أنه سوف يعود بالنفع على الأسر التي لا توجد لديها المقدرة في تعليم أبنائها ومتابعتهم، ومجتمع الأعمال يؤمن أن هذا الطلب سوف يكون في أعلى أولويات مجلس إدارة الغرفة للدورة المقبلة (2022- 2026)؛ سائلين الله التوفيق لأي عمل خيري ينتفع به المواطنون.

** الرئيس الأسبق لغرفة تجارة وصناعة عُمان