الاستثمارات الأوروبية في عُمان

 

فايزة سويلم الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

 

اليوم نحن بحاجة إلى أن تكثف الجهات المعنية جهودها في الترويج للفرص الاستثمارية للسلطنة واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، واستحداث حزمة من التسهيلات والامتيازات الاستثنائية لتسهيل دخول هذه الاستثمارات للسلطنة، وإطلاق حملة ترويجية مكثفة تحمل شعار "الاستثمارات الأوروبية في عُمان"، تستهدف استقطاب 5000 مستثمر أوروبي، على مدار السنوات العشر المُقبلة.

الظروف الراهنة التي تفرضها التطورات الجيواستراتيجية في شرق أوروبا والتضخم والركود الاقتصادي هناك، تدفع الكثير من الأوروبيين إلى البحث عن ملاذات آمنة لاستثماراتهم؛ لتعويض خسائرهم نتيجة لما خلفته الحرب في أوكرانيا، من فوضى اقتصادية في دول الاتحاد الأوروبي، وهنا نأمل من الجهات المعنية أن تأخذ بزمام المبادرة لتحظى بنصيب الأسد من هذه الفرص المتاحة وبشكل سريع.

المقومات والمزايا التي تحظى بها السلطنة اليوم والتي تتمثل في الموقع الاستراتيجي، والاستقرار السياسي "صديقة لجميع دول العالم بلا أعداء.. ولله الحمد"، والأهم مقومات الأمن والأمان، وكذلك الضرائب المنخفضة، أو حتى الإعفاء الضريبي في بعض المناطق والقطاعات، وبذلك تكون عُمان وجهة مفضلة للعديد من المستثمرين. وهنا نرى حاجة ماسة لتفعيل أنظمة المحطة الواحدة بشكل جاد سواء في المطارات أو في المناطق الحرة وغيرها، ولا بُد أن يتم اعتماد حزمة استثنائية من الحوافز والامتيازات لاستقطاب الأوروبيين وغيرهم، وتشجيعهم لنقل استثماراتهم إلى السلطنة.

مثل هذه التوجهات لدى المستثمرين يجب توظيفها والعمل على طرح حزم استثمار جاذبة، لا سيما في المناطق ذات الميزة الاستراتيجية، وعلى رأسها الدقم، لما تضمه من منطقة اقتصادية خاصة ومنطقة حرة، ومشاريع اقتصادية واعدة. ولا شك أن التعريف بالفرص الاستثمارية في الدول الأخرى، يتطلب تكاتف مُختلف المؤسسات، وليس فقط وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، فالسفارات ومكاتب التمثيل السياحي وغيرها الكثير، يجب أن يتعاونوا على دفع جهود الترويج القائمة حاليًا ومضاعفتها من أجل الوصول إلى أكبر عدد ممكن من أصحاب رؤوس الأموال.

وقد حققت الحملات الترويجية نجاحات واعدة خلال الفترة الماضية رغم التحديات، ولنا أن نعرف أن إجمالي الاستثمارات الأجنبية بنهاية عام 2020 ارتفع بنحو 6% ليصل إلى 22 مليارًا و244 مليونًا و500 ألف ريال عُماني مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، عندما سجلت 20 مليارًا و983 مليونًا و200 ألف ريال عُماني، بحسب ما تكشف عنه الإحصائيات الرسمية. وهذا الاستثمار الأجنبي يتنوع بين الاستثمار الأجنبي المباشر، واستثمارات المحافظ، فضلًا عن استثمارات أجنبية في أنشطة اقتصادية متعددة. الأرقام تكشف لنا أن الاستثمار الأجنبي المباشر في عُمان زاد بنحو 9.2% خلال عام 2020، ليصل إلى 15 مليارًا و761 مليونًا و900 ألف ريال عُماني، مشكلًا 70.9% من إجمالي الاستثمار الأجنبي في بلادنا. ولمزيد من التوضيح، فإن الاستثمار الأجنبي- بشكل عام- مثّل 78.2% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020.

إننا أمام أرقام واعدة، يمكن زيادتها وتلمُس انعكاساتها على النمو الاقتصادي ونمو الناتج المحلي الإجمالي، كل ما نحتاج إليه المزيد من العمل وطرح الفرص الاستثمارية المناسبة، فلا يكفي أن نقول للمستثمر لدينا إعفاءات ومزايا وحسب، يجب أن نعرض عليه مشاريع متكاملة وضعنا لها تصورات كاملة متكاملة، ليأتي المستثمر فيضخ الأموال، ومعها تبدأ عجلة الاقتصاد في الدوران.

وختامًا.. إن عُمان بكل ما تزخر به من فرص وإمكانيات وحوافز، قادرة على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، والمطلوب تضافر الجهود بين مختلف المؤسسات والهيئات وحتى شركات القطاع الخاص، من أجل بناء شبكة علاقات واسعة ممتدة في جميع أنحاء العالم، وطرح الفرص الاستثمارية التي تستفيد من المقومات الجاذبة.. عندئذٍ ستتحقق الأهداف وننطلق بخطى واثقة نحو تنفيذ رؤيتنا المستقبلية "عُمان 2040".