أعيدوا الجمال للجمال

 

 

عائشة بنت أحمد بن سويدان البلوشية

 

تغنى شعراء العرب وجهابذة اللغة بالجمال منذ الجاهلية إلى يومنا هذا، فلم يتركوا موضعًا للجمال إلا وأشادوا به شعرا ونثرا، سواء أكان عضوا من أعضاء الإنسان كالوجه والعيون واللمى وغيرها، أو وصف البطولات في المعارك وساحات الوغى، أو الأماكن وذكرياتها المرتبطة بها، وحتى فصول السنة وتقلباتها، وذلك لأن لسان الضاد يفيض جمالا، ويزداد كلما شحذت سنان الوصف، فجاءت الأسماء على ذلك النهج، والأماكن والبشر على ذات النمط، فكانت العرب تتخير اسم المولود ما يضيف القوة والشجاعة والسُّمو لأبنائهم وبناتهم، كما أنهم إذا حلوا ببقعة لا اسم لها وأعجبهم المقام أطلقوا عليها اسما جميلا يليق بها استئناسا وتفاؤلا، وإذا كان العكس فلك أن تتخيل المسمى الذي ينفر منه العقل والقلب.

عمان الجميلة تنضح جمالا في كل جانب، حيث حباها الله بطبيعة متنوعة استثنائية في البر والبحر، في السهل والجبل، لذا تسابق الأجداد في إطلاق أجمل المُسميات على المدن والقرى، ووجدنا أن تلك التي سميت بأسماء تسمها بالصغر والقلة لسبب أو لآخر تم تغييرها إلى أخرى أجمل وأرقى، وهذا كان الدأب والعرف السائد.

ربما يتذكر المرء منِّا تلك المقارنة التي لا تخلو من دعابة، وكانت حول أسماء بعض المدن والأماكن اللبنانية التي تفيض رقة وجمالا وأخرى لأماكن في بعض الدول العربية، لأنَّ كل من أعاد إرسال تلك الدعابة طبقها على مُسميات بعض المواقع في بلاده، وتدخل هذه المقارنة في نظري ضمن المثل العماني القائل: (مزاح وضرب رماح)، لأنَّ كل مسمى له من اسمه نصيب، وقد كتبت مقالا في عام ٢٠١٩م بعنوان (فضلا أعيدوا الألف والهمزة) حول اسم قرية "سويداء الماء" في ولاية عبري (https://alroya.om/post/252235/)، مع شرح عن معنى الاسم، واليوم أعيد فتح ذات الصفحة لأناشد أصحاب السعادة محافظ الظاهرة ووالي عبري المحترمين، بتصحيح الخطأ الوارد في اللوحات الإرشادية على طريق بهلاء - عبري، وإعادة "الألف والهمزة" إلى المسمى الوارد خطأ (سويد) لنعيد جمال المعنى إلى جمال الاسم، لا تجتزؤوه فيخرج إلينا ناقصا، لتحمله الأجيال كذلك -كرما لا أمرا-.

-------------------------------------

توقيع:

أتاك الرّبيع الطّلق يختال ضاحكا // من الحُسن حتّى كاد أن يتكلّما

وقد نبّه النّيروز في غسق الدُّجى // أوائل ورد كن بالأمس نوما

"البحتري".