الزعيم الديني يعتذر للعراقيين.. ويتبرأ من "الدم الحرام"

غداة "الإثنين الدامي".. الصدر يطلق "رصاصة الرحمة" على أعنف اشتباكات بالعراق منذ سنوات

◄ الصدر لأنصاره: لا تكونوا "أكثر وقاحة" من المليشيات "الوقحة"

بغداد- رويترز

أمر رجل الدين العراقي مقتدى الصدر أتباعه بإنهاء احتجاجاتهم في وسط بغداد أمس لتهدئة التوتر الذي أدى إلى أكثر أعمال العنف دموية في العاصمة العراقية منذ سنوات.

واعتذر الصدر للعراقيين بعد مقتل 22 شخصا في اشتباكات بين جماعة مسلحة موالية له وفصائل شيعية منافسة تدعمها إيران، وندد بالقتال وأمهل أتباعه ساعة واحدة لفض الاحتجاجات. وقال الصدر "ما يحدث ليست ثورة لأنها ليست سلمية. الدم العراقي حرام".

وبانتهاء المهلة في حوالي الساعة الثانية بعد الظهر (1100 بتوقيت جرينتش)، أمكن رؤية أتباع الصدر وهم يغادرون الساحة في المنطقة الخضراء شديدة التحصين بوسط بغداد؛ حيث توجد مكاتب حكومية وحيث أعلنوا اعتصامًا استمر لأسابيع في مقر البرلمان. وجاءت الاشتباكات التي اندلعت أمس الأول الإثنين بين الفصائل المتنافسة في العراق ذي الأغلبية الشيعية بعد 10 أشهر من الجمود السياسي الذي تشهده البلاد منذ الانتخابات البرلمانية في أكتوبر. وأثارت الاشتباكات مخاوف من تصاعد الاضطرابات. وكان الصدر الفائز الرئيسي في الانتخابات لكن جهوده فشلت في تشكيل حكومة مع الأحزاب السنية والكردية؛ إذ استبعد الجماعات الشيعية المدعومة من إيران.

واندلعت أعمال العنف بعد إعلان الصدر انسحابه من جميع الأنشطة السياسية، وهو قرار قال إنه جاء ردًا على تقاعس زعماء وأحزاب شيعية أخرى عن إصلاح نظام حكم يصفه بالفاسد والمهترئ. وقال مسؤول في الحكومة، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته قبل فترة وجيزة من دعوة الصدر لإنهاء الاحتجاجات، إن السلطات لا تستطيع فرض سيطرتها على الفصائل المسلحة المتناحرة. وأوضح المسؤول أن الحكومة لا حول لها ولا قوة لوقف هذا لأن الجيش منقسم بين موالين (لإيران) وأتباع الصدر.

وقال حمدي مالك، المتخصص في شؤون الفصائل المسلحة الشيعية العراقية في معهد واشنطن، إن تصرفات الصدر تتبع نمط المواجهة والتهدئة الذي اتخذه منذ صعوده بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بنظام صدام حسين عام 2003. وأضاف مالك أن الصدر، رجل الدين الشيعي، حاول في الآونة الأخيرة تجنب العنف من أجل تعزيز مصداقيته كزعيم للجماهير المضطهدة في البلاد، لكن عمليًا كان عليه أن يُهدد بالفوضى العنيفة للحصول على ما يريد.

ومع حيرته بين الطموح السياسي أو الديني ودوره كزعيم جماعة مسلحة، أشار مالك إلى أن الصدر يضع نفسه وأتباعه دائما في موقف يبدو فيه العنف وسفك الدماء حتميا، لكنه دائما ما يعود لرفض العنف.

وفي وقت سابق أمس، أطلق مسلحون صواريخ على المنطقة الخضراء وجاب الشوارع مسلحون على متن شاحنات وهم يحملون أسلحة آلية ويلوحون بقنابل يدوية، بينما التزم معظم السكان بحظر التجول. وخلال الليل استمر إطلاق النار والصواريخ في أنحاء العاصمة العراقية. ووصفت الولايات المتحدة الاضطرابات بأنها مقلقة ودعت إلى الحوار لتهدئة المشكلات السياسية.

وأغلقت إيران المجاورة الحدود وأوقفت الرحلات الجوية إلى العراق لفترة وجيزة، قبل أقل من 3 أسابيع من طقوس الأربعين التي تجذب ملايين الإيرانيين إلى مدينة كربلاء العراقية. لكنها أعادت إيران فتح حدودها مع العراق لاحقًا.

وألغت شركتا طيران الإمارات وفلاي دبي رحلات من وإلى بغداد يومي الثلاثاء والأربعاء، لكن مصادر قالت إن صادرات النفط من ثاني أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لم تتأثر بالاضطرابات.

وأعلن الصدر نفسه قوميًا يعارض كافة أشكال التدخل الأجنبي في بلاده سواء من الولايات المتحدة والغرب أو من إيران. ويقود الصدر فصيلًا مسلحًا قوامه آلاف، فضلا عن ملايين الأنصار في أنحاء العراق. ويسيطر منافسوه، وهم متحالفون مع إيران، على عشرات من الفصائل شديدة التسليح دربتها القوات الإيرانية.

وقال الصدر في خطابه الذي أمر فيه بإنهاء الاحتجاجات "هناك ميليشيات وقحة، نعم، لكن لا يجب أن يكون التيار أيضا وقحًا".

تعليق عبر الفيس بوك