في التسعين (11)

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

khalidalgailni@gmail.com

@khalidalgailani

ما زال الحديث مستمرًا عن رياضتنا العمانية، وما زالت أحداث العمل الرياضي تتوالى بشكل مضطرد، وهذا طبيعي جدًا؛ فالرياضة مجال رحب واسع، والمتابعون لمختلف أنشطتها كثر، والعمل فيها متسع ومتداخل، وهو ممتع ويذهب بشغاف القلوب، ويستثير دافعية الناس وحماسهم، ويشغل بشكل جميل أوقات فراغهم.

ونمضي في تسديداتنا في هذا المقال وللأسبوع الحادي عشر على التوالي، فالتسديدة الأولى: استغراب شديد من جدول الدرجة الأولى، الذي حدد ملاعب عدد من الأندية في مقارها، وليس في المجمعات الرياضية، أفبعد حادثة الموسم الماضي والتي هزت أركان الجميع، وأثارت المجتمع العماني بكل أطيافه، وأنبرى الكل لمحاولة سد الثغرات، وعلاج بعض الملاحظات، والتي كان من ضمنها عدم السماح باللعب على ملاعب الأندية لأسباب لا تخفى على أحد، نأتي هذا العام بدل المضي نحو الأمام نتراجع القهقرى في موقف غريب.

ولا يمكن في هذا الموضوع المهم جدا، السماح فقط لأندية دوري عمانتل باللعب في المجمعات الرياضية؛ بل لا بُد من لعب كل الدوريات والمسابقات في ملاعب آمنة سليمة مكتملة لعناصرها الفنية والأمنية وتتوفر فيها كل عناصر السلامة اللازمة، وهذا لا يتوفر بالشكل المطلوب إلا في المجمعات الرياضية والتي يجب إلزام الجميع باللعب فيها وإعداد البرامج والجداول وفقا لذلك، وعليه فإن تكرر حدث العام الماضي فلا مجال عندها لدراسة الوضع أو البحث عن الأعذار، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته كاملة.

وللعلم فإن عدد الأندية المشاركة هذا الموسم أقل من الموسم السابق.

أما التسديدة الثانية: فلمن يعنيه الأمر فيما يتعلق بالمعسكرات الشبابية التي تقام صيف كل عام وتحتضنها عدد من محافظات السلطنة، وحواضراها المختلفة؛ هذه المعسكرات التي توقفت بسبب جائحة كورونا، كان لا بُد من عودتها صيف هذه العام، ولا يخفى على الجميع أهميتها الوطنية والاجتماعية، ودورها الرائد في صقل مهارات الشباب، ورعاية مواهبهم، وتحفيز قدراتهم، وبث روح العمل الوطني التطوعي في نفوسهم.

إن لهذه المعسكرات أهمية تدفع بنا نحو توسيع قاعدة انتشارها، وعدد المشاركين فيها، مع التوسع في محاور تنفيذها، واستحداث برامج عملها، بالشكل الذي يحقق طموحات الشباب، ويمكن من بلوغ الأهداف من مثل هذه الملتقيات والمعسكرات ذات المردود العالي جدا.

التسديدة الثالثة في هذه المقال: لموضوع ملتقيات القيادات الرياضية، فهذه الملتقيات تمثل فرصة سانحة، للعصف الذهني، وتبادل الأراء، ومناقشة قضايا الشأن الرياضي، واقتراح الحلول، وتقريب وجهات النظر، وهي عادة محمودة، واجتماع له مردوده الإيجابي على العمل الرياضي بمختلف جوانبه ومجالاته.

وإذ تمثل هذه التسديدة دعوة صادقة لعودة هذه الملتقيات الشتوية الجميلة؛ فمن المهم توسيع قاعدة المشاركة لتشمل عناصر العمل الرياضي المختلفة، وتفعيل جلسات العصف الذهني للخروج بمرئيات قابلة للتطبيق، ومناسبة لمتطلبات التطوير في العمل الرياضي، مع ضرورة تشكيل فريق عمل للمتابعة وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال ذلك العام بشكل ممنهج وعملي، يظهر مدى أهمية هذه اللقاءات ودورها في رسم وتحديد السياسات العامة للعمل الرياضي العماني الذي هو بحاجة لتظافر جهود الجميع.

التسديدة الرابعة: ما زالت قضايا اللاعبين كثيرة والإشكالات بينهم وبين الأندية عديدة، وهي في إزدياد، والأسباب واضحة، ويمكن إجمالها في رغبة عدد من إدارات الأندية لتحقيق منجزات، وبطولات، يدفعها ذلك لإبرام عقود مع اللاعبين تفوق بشكل كبير إيرادات تلك الأندية، وبالتالي الدخول في متأخرات ومديونيات لا يمكن الوفاء بها، وهنا يدخل الجميع في دائرة الشكوى، والمطالبة، وما يتبع ذلك من أثار وعواقب.

وستبقى هذه المشكلة مستمرة؛ فالنادي يريد المنافسة، واللاعب يبحث عن حقوقه، والدخل محدود، والاستثمار لا يسير بالشكل المطلوب، والدعم لايفي بكل المستحقات، والجوائز متواضعة لأبعد حد، والقطاع الخاص قطاع ريعي متفرج في أغلب حالاته، والحوكمة تسعى للتشديد، والاهتمام مقتصر على الكبار في أغلب الوقت، وأندية تجمد نشاطها لعدم القدرة على الصرف والوفاء بالمتطلبات.

والكل يرمي لومه على الكل، لذلك فلا بد من النظر في حلول دائمة، وتعديل مسار هذا الأمر المهم جدا، على الأقل في تقليل الشكاوى التي تصل لمؤسسات دولية وإقليمية، وهنا أدعو الجهات المعنية، لإقامة لقاء يخصص لدراسة واقع هذه العقود وأثرها، والحلول المناسبة لها، بما يكفل للجميع العمل الجاد والمتقن، ويمضي بنا نحو تطوير رياضتنا، والعمل بإسترتيجيات وسياسات واضحة وذات أثر.

الرياضة صناعة، ومصدر دخل ثابت لا تتنازعه تقلبات الأسعار، شريطة وجود القواعد والأسس وتحديد الأدوار، والعمل الاحترافي على الحقيقة.