د. سليمان المحذوري
مع بداية كل عام أكاديمي تبدأ مُعاناة الطلبة الدارسين في مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة على حدٍ سواء في البحث عن سكن مُناسب نظرًا لبعد تلك المؤسسات عن مقرّ سكناهم، وخلال الفترة الماضية ارتفع وسم (#سكن_مناسب_مطلبنا) على منصة تويتر؛ لتسليط الضوء على هذه المعضلة، وضرورة إيجاد حلول جذرية حتى لا يتكرر المشهد كل عام.
ومن أجل تقريب الصورة بشكل أوضح أود أن أشير إلى تجربة شخصية مررت بها عندما قُبل ابني أحمد للدراسة في جامعة صحار، وطبعًا على ولي الأمر أن يتدبر موضوع السكن بطريقته الخاصة إلى هنا والمسألة ليست صعبة؛ بيد أنّ المشكلة تكمن في عدم وجود سكنات مناسبة ومهيئة للطلبة. وللأمانة عندما عاينت السكنات المتوفرة وجدتها في حالة يُرثى لها فقلت كيف يُمكن لطالب جامعي أن يقيم في هذه البيئة التي لا تساعد على اكتساب المعارف والمهارت المرجوة فالسكنات عادة هي بيئة تعليمية أخرى.
المهم اضطررت إلى استئجار شقة مفروشة بعيدة عن الجامعة بنظام الإيجار اليومي لفترة من الوقت. وبسبب موضوع السكن، كان القرار بإعادة اختيارات الطالب مرة أخرى في نظام القبول الموحد، وبالتالي حصوله على فرصة أخرى للدراسة في جامعة التقنية في مسقط قريبًا من مكان سكنه. هذه الصورة أعادتني إلى الوراء عندما حصلت على فرصة للدراسة بجامعة السلطان قابوس؛ إذ كان السكن الجامعي في انتظار الطلبة من مختلف محافظات السلطنة من خارج مسقط، وأنا أحدهم استلمت غرفتي (28 ب) في الوحدة الخامسة بكل يسر وسهولة مما ساعدني على الانتظام في دراستي والمضي قدمًا حتى التخرج؛ وشتان ما بين المشهدين.
صحيحٌ أنه لا ينبغي التعميم، فهناك مؤسسات تعليمية؛ سواء كانت حكومية أو خاصة توفر سكنا ممتازا لطلبتها وهذا أمر محمود يصب في صالح المؤسسة والطالب، إلا أنّ الحديث في هذا المقام يتركز حول موضوع شحّ سكنات الطلبة، واستغلال حاجتهم برفع قيمة الإيجار للسرير الواحد في غرف مزدوجة أو ثلاثية أو رباعية هذا من جانب؛ فضلًا عن عدم ملاءمتها لسكن طلبة جامعات وكليات؛ بل هي أقرب لسكن "العزابية". ومن ثم على ولي الأمر أن يختار من هذه النوعية من السكنات، وتكبد مصاريف كبيرة من إيجار ومواصلات وما إلى ذلك.
ختامًا.. إن تركت هذه المشكلة على حالها فستظل تتكرر بشكل دائم؛ والحل يكمن في جلوس الجهات المختصة على طاولة واحدة وتبني مشاريع استثمارية خاصة بإنشاء مجمّعات سكنية لطلبة الجامعات والكليات تكون قريبة منها، ومهيأة لسكن الطالب الجامعي، والأهم من هذا وذاك تقنين الأسعار لتتناسب مع من يتحمل تكلفة السكن على نفقته الخاصة.