جامعة مسقط.. مركز إشعاع علمي

 

خليل بن عبدالله الخنجي **

 

تطلع أعيان مسقط كما تطلع أهالي جميع المُحافظات، إلى إنشاء جامعة تخدم طالبي العلم في أنحاء البلاد، ومن بين تلك الجامعات تأسست جامعة أهلية في مدينة مسقط عاصمة عُمان، وفي سبيل ذلك أجاز مجلس التعليم- في حينه- الملاك المؤسسين للكليات الواقعة والعاملة في محافظة مسقط، فرصة تشكيل تحالف فيما بينهم أو بعضهم لتكوين نواة للجامعة الفتية، وبعد محاولات عديدة واجتماعات مضنية استغرقت عدة سنوات لمحاولة تقريب وجهات نظر أصحاب الكليات، لم يصل أصحابها إلى توافق، رغم إعطائهم أكثر من فرصة من قبل وزارة التعليم العالي ومجلس التعليم آنذاك.

وبعد أن أُغلق ملف الاندماج وافق مجلس التعليم في مارس 2011 بناءً على طلب من رئيس غرفة تجارة وصناعة عُمان- وقتذاك- على إنشاء جامعة مسقط الأهلية. وفي تاريخ 1 نوفمبر 2011 تم استلام الموافقة الكتابية بالسماح للغرفة بتشكيل لجنة تأسيسية لمشروع جامعة مسقط، على أن يُشارك جميع الراغبين في التأسيس على قدم المساواة، دون استثناء لأي طرف، وذلك وفقًا للشروط والضوابط التي وضعها المجلس في هذا الجانب. بعدها قام رئيس غرفة تجارة وصناعة عُمان، في حينه، بالكتابة لأصحاب الأعمال والأعيان والمهتمين من جميع أنحاء البلاد لدعوتهم للمساهمة في تأسيس الجامعة، إضافة إلى إعلان ذلك في الصحف المحلية لاستقطاب مزيد من المؤسسين للجامعة.

وفي 16 أبريل 2012، وبطلب من رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان، عُقد اجتماع تشاوري في النادي الدبلوماسي حول إنشاء جامعة مسقط بضيافة كريمة وبرئاسة المغفور له معالي الدكتور عمر بن عبد المنعم بن يوسف الزواوي مستشار جلالة السلطان للعلاقات الخارجية، وقد حضر الاجتماع حوالي 30 من كبار الشخصيات من المشايخ والأعيان وأصحاب الأعمال، الذين أعلنوا عن مساهمتهم السخية كاستثمار من منطلق المسؤولية الاجتماعية للشركات، وجرى الاتفاق على تعيين رئيس للجنة التأسيسية وتفويضه باختيار الأعضاء، وتحديد رأس المال المقترح، وفتح حساب مصرفي للمشروع باسم جامعة مسقط، وإنشاء مكتب لإدارة مشروع تأسيس الجامعة، الذي تبرع به مشكورًا رجل الأعمال سالم بن حسن بن يوسف مكي، وقد سبق ذلك تعيين مدير للمشروع، تلاه تعيين رئيس للجامعة ونائبة له، بعدها تم الانتقال إلى مبنى مكتبة  الأطفال العامة قبل أن تنتقل إلى مبنى جامعة مسقط الجميل حاليًا.

وفي 2 فبراير 2016، أصدرت وزارة التجارة والصناعة الموقرة القرار الإداري (1/ 2016) بالترخيص بإنشاء جامعة مسقط (ش.م.ع.م) كشركة مُساهمة عُمانية مقفلة، وبناءً عليه تمَّ نشر إعلان الدعوة لحضور الجمعية العامة التأسيسية للجامعة؛ كأول اجتماع رسمي مُعلن بعد قرار الترخيص، وكُلِّف الدكتور جمعة بن علي آل جمعة بالاستمرار كرئيس للجنة التأسيسية للجامعة، وتشكلت اللجنة التأسيسية بعضوية كل من: صاحب السُّمو السيد تيمور بن أسعد آل سعيد (رئيس مجلس محافظي البنك المركزي العُماني حاليًا)، والمكرم السيد الدكتور سعيد بن هلال البوسعيدي، والأفاضل: رشاد بن محمد الزبير وأحمد بن عبدالله الخنجي وقيس بن محمد موسى اليوسف (معالي وزير التجارة والصناعة وتروج الاستثمار حاليًا) ورجل الأعمال بنكج كيمجي (سعادة مستشار وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار حاليًا) وعبد العظيم بن عباس البحراني مدير عام غرفة تجارة وصناعة عُمان سابقًا.

وحرصاً من اللجنة التأسيسية على إقامة جامعة مبنية على أسس علمية ومدروسة، قرروا التعاقد مع بيت خبرة دولي (الذراع التجاري لجامعة أكسفورد البريطانية)، المتخصص في التعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا، والعمل على تأسيس الجامعة وفق مرتكزات علمية صحيحة وموثوقة ووفق محددات وزارة التعليم العالي.

وبتاريخ 8 مارس 2016، عُقد اجتماع الجمعية العامة التأسيسية في مبنى وزارة التعليم العالي الموقرة، وقد أسفر الاجتماع عن زيادة حجم رأس المال المُعلن وعن تشكيل أول مجلس إدارة للجامعة من 11 عضوًا حسب ما هو منصوص عليه في وثيقة النظام الأساسي للجامعة وهم: خليل بن عبد الله بن محمد الخنجي، وسعيد بن صالح الكيومي رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان الأسبق، ورشاد بن محمد الزبير، والسيد محمد بن سعيد بن هلال البوسعيدي، وسالم بن سعيد الوهيبي، وأريج بنت محسن حيدر درويش الزعابي، وبنكج كيمجي، وفيصل بن مرتضى اللواتي، وغادة بنت محمد اليوسف، وأحمد بن عبد الله الخنجي، وسعادة المهندس رضا بن جمعة آل صالح.

وأسفر أول اجتماع لمجلس الإدارة عن تزكية خليل بن عبدالله الخنجي كأول رئيس لمجلس الإدارة، ورشاد الزبير نائبًا له، وتشكيل أول مجلس أمناء للجامعة برئاسة الدكتور جمعة بن علي آل جمعة، ليكون أول رئيس لمجلس الأمناء.

وفي أبريل 2021، تمت تسمية الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري كثاني رئيس لمجلس الأمناء، بعضوية أعضاء من جميع القطاعات والتخصصات.

لقد عمِلت كافة الأطراف المعنية عملًا جادًا لجعل جامعة مسقط تواكب احتياجات سوق العمل، وذلك من خلال بناء شراكات مختلفة تمثلت في احتضان مناهج دراسية قوية ذات جودة عالية في مجالات وتخصصات تتواءم مع استراتيجيات وخطط السلطنة وتُنفّذ عبر ارتباطات أكاديمية وشراكات دولية رصينة ذات سمعة عالمية؛ مما ساهم في تسهيل وتسريع تحقيق رؤية جامعة مسقط ورسالتها وأهدافها؛ حيث جاء اختيار جامعتي كرانفيلد (للتعاون في طرح برامج الدارسات العليا)، وجامعة أستون (للتعاون في طرح برامج البكالوريوس) وفق أسس واضحة تنشد الجودة والارتباط الوثيق بأسواق العمل وقابلية المخرجات للتوظيف. وعمِلت الجامعة في ذات الوقت على التركيز على الاستدامة المالية للجامعة، وإيجاد موارد مالية مساندة لها من خلال كلياتها الثلاث. أما في العام الدراسي المقبل، فقد أضيفت 10 برامج جديدة، والتي تم طرحها في سبتمبر 2021.

إن جامعة مسقط تخطو بخطى واثقة بدعم مِن مؤسسيها الذين نوجه لهم الشكر والامتنان من خلال هذا المقال، على ما قدموه من دعم مالي ومعنوي لجامعتهم المُميزة بإذن الله، والشكر موصول لرئيسي وأعضاء مجلسي الأمناء والإدارة والجهاز الإداري والأكاديميين الذين ضحّوا بأوقاتهم عبر سنوات التأسيس، وخاصة خلال العامين المنصرمين، حيث جائحة كورونا، التي أثرت بشدة على مؤسسات التعليم والتعليم العالي على مستوى العالم. ونؤكد للمؤسسين والمجتمع أن الجامعة اتخذت خطوات حثيثة لتكون مركز إشعاع علمي يستقطب الطلبة من السلطنة وخارجها، من خلال برامجها النوعية والحديثة والمتوائمة مع احتياجات سوق العمل، وتركيزها على الجانبين النظري والعملي في مناهجها الأكاديمية، وتميزها بسنة تدريبية كاملة تنفرد بها عن غيرها من المؤسسات التعليمية في السلطنة، وتركيزها على طرح برامج دراسات عليا جديدة تمنح الطالب شهادات ماجستير، وتؤهله للحصول على شهادات مهنية دولية؛ لتلبي احتياجات السوق المحلي والخارجي، بحيث يتمكن الطالب من الحصول على هذه الشهادات المرموقة دون تكبد عناء السفر للخارج.

** الرئيس الأسبق لغرفة تجارة وصناعة عُمان

الأكثر قراءة