طموحات أولياء الأمور

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

مضت الأيام سريعًا كعادتها وتعاقب دورانها بشكل مُنظم وبطريقة محكمة من لدن رب حكيم، وانتهت تلك الساعات والأوقات بحلوها ومرها، وبمآسيها ومعاناة أهلها، أو بلحظات كانت فيها البهجة حاضرة وكذلك الأنس والفرح والانشراح، إذ لا دوام لحال معين وبذاته أبد الآبدين، فدوام أي حال من المحال.

عاش أولياء الأمور مع أبنائهم طوال الأشهر القليلة الماضية، إجازة أوشكت على الانتهاء والنفاذ، ولم يتبق منها شيء، وكلها أيام ويعود أبناؤنا إلى مدارسهم وكلياتهم وجامعاتهم، وتبدأ دورة جديدة من دورات هذه الحياة، ويبدأ فصل جديد من فصول المعاناة والانشغال والجهد والتعب. فكل جهد يتضاءل ويتلاشى مع وجود القوة والجماعة والتعاون والتآزر والمال، فمثلا متطلبات الدراسة ومستلزمات وحاجيات أبنائنا لذلك، تختلف من أسرة إلى أخرى، ومن عدد إلى آخر، فالذي لديه ابنان أو ثلاثة، غير الذي لديه عشرة أو أكثر، إلا أنه رغم ذلك، يكون الآباء البسطاء الذين لا يملكون شيئًا، حاضرين في كل الحالات ومضحين، يبذلون الغالي والنفيس من أجل توفير هذا وذاك لأبنائهم، حتى لا يشعروا بالنقص والدونية، وحتى لا يتنمر عليهم أقرانهم بالهمز أو اللمر، أو القول أو الفعل والتلميح.

نعم لم يتبق شيء على ذاك الحراك الذي يدب في البيوت منذ الفجر، ولم يتبق شيء على ذاك الازدحام وتلك الحركات والتحركات التي تتكرر عند بدء أيام عام دراسي، لكن هناك أمهات وأسر وعائلات وآباء، يحملون همًّا كبيرًا في توفير مستلزمات العام الدراسي لأبنائهم، وذلك لانعدام ما في اليد، وأحيانًا لقلته. هناك مثال على الملابس؛ إذ نجد دشداشة كل طالب على أقل تقدير بقيمة 5 ريالات، فإذا كانوا 10 طلاب، فإجمالي الدشاديش وحدها سيكون 50 ريالا، وأجمع معها لكل واحد كمّة، قيمتها في حدود 4 ريالات، وأضف الملابس الداخلية والملابس الرياضية والأحذية، طبعًا هذا تكلفة الصرف على الأولاد. أما البنات فمستلزماتهن مختلفة، خاصة أولئك اللاتي في مراحل وصفوف دراسية متقدمة، كالثاني عشر والحادي عشر.

ألّا تلاحظ- أيها القاريء الكريم- أنها معاناة ومأساة وتكاليف ومصرف، وأن أولياء الأمور الفقراء ومحدودي الدخل، لا حول ولا قوة لهم إلا بالله العلي العظيم.

حقيقة أقول يجب على الحكومة أن تفكر في أحوال تلك الأسر، وفي أحوال أولئك الناس، عليها أن تفكر بقلب الأب الرحيم وبقلب الإنسان الفقير، وليس بفكر الغني والميسور والثري، وذلك حتى تستطيع أن تخرج بنتائج مفيدة لتلك الفئات، وتقدم لهم حلولا ومواقف ودعماً، فمن المحن تأتي المنح، وعندما سيكون الفكر بفكر وبحال الفقير والإنسان المحتاج والبسيط حتما ستتغير الأمور.

حقيقة نعترف أنَّه لن يشعر بك إلا من مَرّ بموقفك، ولن يحس بألمك وحزنك ومعاناتك، إلا من ذاق مما ذقته أنت من الظروف والأحوال الصعبة، فالتآزر والتعاون من شيمة الكرماء، وكذلك التخفيف على الناس والتيسير، فاليوم أصبح كل شيء بالمال، فتحركك من وإلى يحتاج مالا، ماكلك ومشربك وملبسك ونومك يحتاح مالا، تربية الأولاد وتنشئتهم تنشئة حسنة، تحتاج مالا لتغطي متطلبات المعيشة اليومية، الاعتناء بمريض يحتاج مالا، إدامة حياة بسيطة جدا تحتاج مالا، فكل شيء يحتاج مالا وصرفاً، فالحياة تغيرت، والظروف متوالية وباقية ما تيسرت، ونسأل الله العلي القدير أن الأيام القادمة، تحمل أخبارا سارة تخفف من الأحمال والأعباء، التي ترزح تحتها تلك الأسر وأؤلئك الآباء.

وفي هذا المقام.. نقول شكرًا لكل كريم، وشكرًا لصاحب كل قلب رحيم، وشكرًا لكل شهم ونشمي وخير بادر وقدم دون مذلة وإهانة وتجريح، شكرًا لكل من واسى وعاون وتعاون، آملين أن يكون العام الدراسي القادم أفضل، وأن يجد الفقراء والبسطاء وأصحاب الدخل المحدود، ما يعينهم على النفقة وتغطية وشراء مستلزمات أولادهم الدراسية، والله جل جلاله الموفق.

تعليق عبر الفيس بوك