في التسعين (9)

 

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

Khalidalgailni@gmail.com

Khalidalgailani@

سألني أحد الأخوة: لماذا ركزت مقالاتك في الفترة الأخيرة على المجال الرياضي؟ وحقيقة، سألت نفسي السؤال ذاته، فبحثت عن إجابة في داخلي لهذا التساؤل، فوجدت أنني أنساق نحو هذا المجال محبَّة فيه، ورغبة في تطوير مختلف جوانبه، ولعلِمي التام بوجود المواهب العمانية المجيدة في مختلف جوانبه وتخصصاته؛ هذه المواهب التي لو أُخِذ بيدها وأُعِدَّت كما ينبغي لها لصنعت فارقا يشار إليه، وحضورا يبعث فينا الفخر والسعادة، ومكانة على خارطة الرياضة تقول "ها نحن ذا".

وعودًا على بدء، فإنَّني في هذا المقال التاسع أسدِّد الكرة الأولى نحو حقيقة أمر مدرب منتخب الناشئين، الذي قيل إنه لا يملك شهادة تؤهله للمكان الذي أختير له؛ فإن صدق هذا؛ فأين ذوو الاختصاص والفنيون والمراجعون لمثل هذه العقود للوقوف على موادها، ومؤيدات وشهادات المرشحين قبل المضي قدما نحو التوقيع معهم. وأين مواد الحماية للجهة التي وقعت العقد بشكل يضمن للمؤسسة حقها في فسخه متى ما ظهر نقص في جوانب تعتبر أساسا للعقد ومرتكزا له؟ ثم طريقة علاج الوضع التي تمت بشكل مستغرب بنقله لمنتخب الشباب: لماذا هذا النقل؟ وهذا التوقيت؟ وهل هذا هو الحل المناسب؟ ومن اتخذ القرار؟ ومتى وكيف؟

إنَّ مثل هذه الأمور لا بد من حوكمتها بما يحفظ الحقوق، ويؤطر لأنظمة ومعايير سليمة وواضحة، فلن يقبل من أي مؤسسة وبعد هذه السنين من العمل الوقوع في خطأ كهذا، هو من أبجديات العمل وضوابطه، وعلى الجميع القيام بدوره في تطبيق الحوكمة التي هي أحد أسس العمل المؤسسي الناجح. فما لا يصح فهو لا يصح!

أمَّا التسديدة الثانية؛ فهي للأندية التي تسمح بمشاركة لاعبيها في بطولات الفرق الأهلية؛ سواء لذات النادي أو لنادٍ آخر، فهل يسمح العقد بين النادي واللاعب بمثل هذه المشاركات؟ وهل يحق لأي شخص إعطاء موافقة المشاركة في هكذا مسابقات من السهل جدا وجود لاعبين للمشاركة فيها بعيدا عن لاعب وقع عقدا ملزما مع أحد الأندية؟!

والمسألة ليست في المشاركة؛ وإنما في توقيتها مع بداية الإعداد، وتوابعها، وكذلك في أهمية الالتزام بالعقود والعمل على مراعاتها.

إنَّ التطوير في هذا الجانب يتطلَّب التزاما وحرصا من اللاعب والنادي على حدٍّ سواء، في نشر ثقافة الحرص التام على العمل الاحترافي، أو على الأقل احترام العلاقة التعاقدية بين الطرفين، بالشكل الذي يضع الأمور في نصابها، ويسير بنا نحو عمل مكتمل الأركان، لا بد أن نعلم جميعا أن تجاوز مرحلة الهواة إلى مرحلة الاحتراف تتطلب عملا لا مجال فيه لمثل هذه الاستثناءات، فمجرد طلبها أو حتى التفكير فيها لن يمضي بنا بعيدا في الدرب ونحو الهدف المنشود.

الكرة الثالثة أسدِّدها إلى من يعنيه الأمر؛ فالأيام تمضي والشهور تنقضي منذ آخر انتخابات لمجالس إدارة مختلف الاتحادات الرياضية، ونكاد ندخل في معترك الانتخابات القادمة والاستعداد لها، وحتى هذه اللحظة لم نرَ ملامح تطوير واضحة، ولا خطط عمل معروفة، ولا أسس يمكن البناء عليها لتغيير في مسارات العمل لمختلف الألعاب على أرض الواقع.

لقد قطع الجميع وعودا بالتطوير والعمل، وعودًا بالرقي بمستوى الواقع، والمنافسة  وتحقيق الإنجازات.. كلها وعود أرى الواقع بعيدا عنها، ولا الاستعداد والعمل يبشر ببلوغها.

وكما يقول الشاعر:

"وليس يَصِحُّ في الأَفهامِ شَيءٌ إذا اِحتاجَ النَهارُ إِلى دَليلِ".

يجب ألا يكون منتهى آمال الكثير الوصول إلى مقاعد مجلس إدارة هذا الاتحاد وذاك، والبحث عن مقاعد أخرى هنا وهناك؛ بل لا بد من عمل تقر به الأعين ويسعد به الرياضيون، وتنال به الرياضة العمانية مكانها الذي نراه جميعا.

وعلى ذوي الاختصاص السؤال بشكل دائم: أين أنتم ؟ وإلى أين تمضون؟ فإما مكانًا يليق بالوطن وإما مكانًا يليق بالوطن.