عيسى الغساني
هناك مفهومان مُختلفان في رؤية القانون؛ أولهما هو صحة صدور القانون، وثانيهما هو صلاحية وفاعلية القانون؛ فالأمر الأول يتعلق بنظام صدور التشريع وهو إجراء شكلي، عند غيابه يعد القانون صدر باطلا أو منعدما أو غير صحيح؛ وبالتالي يفقد إمكانية التطبيق، وإذ طبق يوقف إداريا أو قضائيا.
والأمر الثاني وهو صدور القانون صحيحا، لكنه عند نزوله إلى أرض الواقع، يحدث من الآثار السلبية غير المتوقعة أو التي لم تتصورها الجهات المشرعة، وهنا يظهر ما يُسمى بـ"الضرورة القانونية"، لتعديل أو إلغاء وربما إيقاف العمل بالقانون، أو تأجيل تطبيقه لفترة لتهيئة الظروف المناسبة لنجاحه.
وشواهد عدم فاعلية القانون عديدة؛ منها أولا: تناقض القانون أو التشريع مع الثوابت القانونية؛ مثل: مساسه بقاعدة فصل السلطات أو إخلاله بشروط فصل الصلاحيات أو تعطيل الرقابة أو التركيز الإداري المعطل. وهنا إيقاف العمل بالقانون يعد السبيل الأنجع لتصحيح الخلل القانوني. وثانيهما هو التعارض البيِّن بين عدة تشريعات؛ بحيث يؤدي هذا التناقض إلى ضبابية المبدأ القانوني؛ ومثال ذلك: قانون يحدد ضوابط قرار ما وآخر يمنح سلطة غير مقيدة، وهنا يعدُّ استخدام تأجيل التطبيق للنص اللاحق ضرورة ومصلحة.
ثالثا: عدم دستورية القانون اللاحق في جزء أو أجزاء منه، وضرر هذا القانون بليغ إذ لم يستدرك الأمر برمته ويجمد القانون غير الصحيح دستوريا، حفظا للنظام العام الفكري لمنظومة العمل القانوني، ومراعاة لمفهوم سيادة القانون؛ إذ خطورة العوار أو الخرق الدستوري هو اعتلال منظومة العمل القانوني برمته، ويمتد أثر هذا الاعتلال إلى البنية الفكرية للفرد والسلوك الاجتماعي والمؤسسي.
ومن المهم لكلِّ قانون بعد صدوره أن تعد قائمة بإيجابيات وسلبيات القانون، ومن ثمَّ التعامل بما يتناسب من الفاعلية والمصلحة وتخفيف الآثار السلبية، وتعزيز الجوانب الإيجابية حفاظاً على التماسك الفكري لمنطق القانون. وأمر آخر لا يقل أهمية وهو تقييم ترابط أجزاء القانون ببعضها البعض وبالقانون الأعلى، بما لا يخل بأهداف وغايات التشريعات والتشريع مثار التمحيص.
وهناك عدة طرق لتقييم القانون؛ منها: قياس مدى الثقة في القانون، ودقة الصياغة ومجال التطبيق والزمن أو زمن التطبيق.
وأول قواعد التقييم:
1- من هي الجهة المنشئة للقانون ابتداء؟ وما هو نظام الإنشاء؟
2- ما هو فريق التشريع من حيث التخصص والقدرات والتنوع المعرفي؟ ما هي أهداف وغايات التشريع بموجب نظام الإنشاء؟
ويبقي التقييم اللاحق لأي قانون وعلاجه مسلكا قانونيا مستقرا.