السلامة الأمنية للأطفال على شبكة الإنترنت

كتب- مشعل الصبحي

يتفوق الأطفال في كثير من الأوقات على والديهم عند التعامل مع شبكة الإنترنت، وكما نعرف أن الكثير من المؤسسات التعليمية قد بدأت في دمج أدوات التكنولوجيا والمصادر الموجودة على هذه الشبكة ضمن منظومتها التعليمية من أجل تفعيل الفصول الدراسية، لذا نجد أن العالم بدأ في التوسع أمام أعين أطفالنا. وأصبح عنصر السلامة الأمنية للأطفال على الشبكة العنكبوتية عنصرا فائق الأهمية، حيث باتت تشغل الكثير من أولياء الأمور وولدت في نفوسهم مشاعر الخوف والقلق على سلامة أطفالهم. وقد يصعب على المربين حماية أبنائهم عند استخدامهم لهذه الشبكة في مختلف الأغراض سواء تلك المتعلقة بالدراسة أو الترفيه واللعب.

تشكل فئة الأطفال اليوم أكثر من 50% من مستخدمي الإنترنت وأصبح هذا التطور جزءا من روتينهم اليومي، حيث بات حاله كحال ذهابهم للمدرسة أو الملعب أو ممارسة أية هواية بعيدة عن الإنترنت. وإن توفير أسس الأمن والسلامة لهؤلاء الأطفال أثناء تصفحهم للشبكة أمر صعب مع انشغال أولياء أمورهم بمشاغل الحياة الأخرى، إضافة إلى أن غياب دور المعلمين في مراقبة تلاميذهم أثناء فترة وجودهم بالمدرسة يصعب هذه المسألة؛ فالفترة التي يقضيها المعلمين مع الأطفال تستغل في عملية التدريس بشكل أكبر لا في المراقبة من ثم يتوجه الأطفال إلى منازلهم ليقضوا بقية يومهم مع أسرهم ومع ذلك إن الحلول المتاحة على الشبكة تحافظ على تجربة آمنة وممتعة للطفل.

مخاطر استخدام الأطفال للإنترنت

وفيما يتعلق بالمخاطر فهناك مسألتان مختلفتان لسلامة الأطفال على شبكة الإنترنت؛ فالمسألة الأولى هي ما يتعرض له الأطفال على الإنترنت سواء بشكل مباشر أو بغير قصد، أما المسألة الثانية هي التواصل المباشر للطفل مع شخصيات مجهولة على شبكة الإنترنت والتي من الممكن أن يتعرض الطفل بسببه لخطورة على المستوى الشخصي وكذلك على مستوى الأسرة مثل الإفشاء عن خصوصيات الأسرة.

وكما نلاحظ أن أكثر ما يميل إليه الأفراد اليوم هو التواصل عبر شبكة الإنترنت مع أشخاص مجهولين؛ وبإمكان الأطفال التواصل مع أشخاص مجهولي الهوية فلا يعرفون عنهم شيئا لا أعمارهم ولا مظاهرهم ولا أية جوانب أخرى، حيث إن ذلك يشعرهم بالحرية المطلقة والرغبة في تكوين علاقات افتراضية. وكثيرًا ما نسمع اليوم عن علاقات تحدث بين مراهقين وأشخاص في سن الرشد ولا أحد يعلم كم هو عمر الطرف الآخر إلا عند تعرضهم لموقف خطر.

وقد تكون هذه العلاقات أكثر حميمية وعاطفية من العلاقات الواقعية كونها تتمتع بعنصر التخفي الذي يجعل من مستخدمي شبكة الإنترنت يبوحون بكل شيء يخصهم دون حرج، وهكذا تنشأ علاقات حميمية مملوءة بثقة عمياء.

فتلك العلاقة العاطفية التي تنشأ مع شخص مجهول والتفاصيل التي تدور حولها قد تكون كلها صحيحة ومن الممكن أن تكون مزيفة أو وهمية، فعندما يقرر أحد الطرفين معرفة هذه الشخصية المجهولة وتبدأ لحظة الثقة هنا سوف يبدأ الخطر الأكبر. وهنا على الطفل والشخص المجهول الذي قد يكبره سنا أن يأخذ على عاتقه بالاحتمالية القصوى لخطورة هذا الأمر وأن يفكروا كثيرا قبل اتخاذ القرار في الكشف عن حقيقتهم وبياناتهم الشخصية أو يبحثوا عن أية طريقة قد تساعد على معرفة الطرف الآخر مثل الاتصال المباشر أو رقم الهاتف أو اللقاء المباشر.

سلامة الأطفال على الإنترنت

هناك عدة أساليب من شأنها أن تسهم في حماية الطفل من التعرض لتلك المواقع الخلاعة والإباحية التي لا تتناسب مع الطفل؛ ومن هذه الأساليب تلك البرامج التي تتيح خاصية الرقابة الأبوية للطفل على شبكة الانترنت التي تعمل على منع وصول الطفل لمواقع وبرامج معينة يحددها الأب. كذلك توجد خاصية في متصفحات جوجل وهي خيار حفظ المواقع التي يزورها الطفل ومن الممكن أن يتم جدولتها بشكل أسبوعي، وكحلِّ مستقل يمكن تثبيت برنامج المراقبة الأبوية الذي تتوفر فيه ميزة البحث الآمن التي تعمل بشكل تلقائي على حذف المحتوى غير المناسب للطفل، وهناك الكثير من البرامج التي توفر للأب تقارير يومية وأسبوعية عن نشاطات الطفل على الإنترنت، وبشكل آخر، من الممكن أن يهيئ الأب جهاز الطفل لاستخدام الإنترنت كوسيلة للتعلم والاطلاع على كل ما هو مفيد، والمحاولة لتذكير الطفل أن قيمة الإنترنت تكمن كلها في الجانب التعليمي والثقافي.

ميثاق حقوق الطفل

وفي هذا الجانب يتحدث بدر الصالحي، مدير عام المركز الوطني للسلامة المعلوماتية، عن تبني السلطنة للإعلان الصادر عن القمة العالمية لمجتمع المعلومات والذي يتضمن ميثاق حقوق الطفل فيقول: " أخذت السلطنة على عاتقها مجموعة من المبادرات والبرامج لحماية الأطفال على الإنترنت، وتحقيقا لهذه الغاية، فقد قامت هيئة تقنية المعلومات ومن خلال المركز الوطني للسلامة المعلوماتية بتنفيذ العديد من المبادرات في مجال «حماية الأطفال على الإنترنت» في السلطنة سيتم التطرق لها من خلال إحدى حلقات العمل"، ويضيف: "إننا نأمل أن تتكاتف جهود الجميع وأن تعمل سويا يدا بيد من أجل توفير بيئة استخدام آمنة على الإنترنت للأطفال ولكافة أفراد المجتمع، وذلك سعيا للوصول إلى غاية بناء مجتمع معرفي آمن يتمتع بتوظيف التقنية الحديثة والمعرفة الرقمية من أجل حياة أكثر عطاء وإنتاجية واستقرارا".

دور هيئة تقنية المعلومات

مع التطور التقني الحديث والتوسع الكبير في استخدام الإنترنت؛ ظهرت مواقع تقف خلفها عصابات منظمة وقراصنة تمكنوا من اختراق أنظمة وخصوصيات دول كثيرة الأمر الذي شكل تهديدًا على الأفراد على حد سواء، وقد ازدادت هذه الخطورة على الأطفال لجهلهم بما تحتويه هذه المواقع من من مخاطر قد تؤثر على مستقبلهم وتوقعهم لارتكاب جرائم هم في غنى عنها. وفي هذا الصدد اهتمت هيئة تقنية المعلومات اهتمامًا بالغا بأمن الأطفال على شبكة الإنترنت، حيث تناولت هذا الموضوع من مختلف الزوايا مثل القوانين والتشريعات الإلكترونية حسب سن قانون المعاملات الإلكترونية، وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقد تناول هذا القانون عقوبات مضاعفة في حال كان الضحية بالجريمة من فئة الأطفال، وكذلك تم إنشاء المركز الوطني للسلامة المعلوماتية بالهيئة الذي يهتم بحماية الأطفال على شبكة الإنترنت وتوعيتهم بوسائل الحماية التي تجنب الأطفال الوقوع في المخاطر الأمنية المعلوماتية، وكذلك في الجانب التقني حيث يوفر المركز مختلف البرامج والأدوات التي تحمي الطفل أمنيا عند تصفح الانترنت.

نصائح موجهة للأطفال

من المعروف أن الخطر الأساسي من استخدام الأطفال لشبكة الإنترنت يتمثل في الكشف عن معلومات تمكن الطرف الآخر من الوصول بأي شكل من الأشكال للطفل ولأسرته كذلك، وإن كان هدف هذا الاستخدام تفاعلي، فهذه بعض النصائح التي لابد من الوالدين أن يوجهونها لأطفالهم وأن يأخذونها بالحسبان:

- لا تكشف عن الرقم السري للاتصال بالإنترنت لأي شخص بغض النظر عمن يكون أو عمّن يدعي كونه.

- لا تبح بأية بيانات شخصية عنك سواء اسمك أو عنوانك أو اسم والديك أو رقم الهاتف أو اسم مدرستك أو أية تفاصيل أخرى.

- لا ترسل صورا لنفسك أو لأي أحد من أفراد عائلتك أبدا عبر الإنترنت.

- أخبر والديك دائما عن أي اتصال يتضمن تهديدا أو ألفاظا بذيئة.

 فكّر وأنت توضح لأطفالك هذه القواعد أنهم في موقف ضعف طبيعي أمام من يكبرهم فمن السهل شرح هذه التعليمات للأطفال من قبل المربين الذين يتمتعون بخبرة ومعرفة وقدرة على الإقناع إلا أن التطبيق يبدو صعبا بالنسبة لهم. كما يجب عليك أن تفكّر في طرق تبني بها الثقة بينك وبين طفلك ليحدثك عن كل ما يقلقه.

تعليق عبر الفيس بوك