حوادث ما كان لها أن تحدث

مدرين المكتومية

عيد سعيد مر علينا جميعا ولكن السعادة لم تكتمل عند عدد من الأسر نتيجة لحوادث الغرق والفقد التي حدثت لبعض الأطفال والأشخاص خلال الأجواء الماطرة التي مرت بها البلاد في الأيام الماضية، وهذا الموضوع في الحقيقة يفتح الباب على مصراعيه أمام ضرورة توعية الأسر وخصوصًا الأطفال والصغار والمراهقين بأهمية التعامل مع الأجواء الماطرة.

نحن في عمان لم نكن نعتاد على مثل هذه الأجواء التي تحدث في أوقات مختلفة من السنة، ولكن نتيجة للتغيير المناخي والاحتباس الحراري وغيرها من الأسباب المتعددة، نشهد أمطارًا غزيرة في أوقات لم تكن معتادة من قبل، وللأسف الشديد هناك بعض الأشخاص على اختلاف أعمارهم ممن يغامرون بحياتهم وممتلكاتهم الخاصة، مثل: السيارات كي يشعروا بسعادة؛ هم مخطئون فيها، هذه ليست سعادة بالتأكيد، وإنما هي إلقاء بالنفس في التهلكة، والله قد أأمرنا بعدم إلقاء النفس في التهلكة، وذلك في قوله تعالى: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة".

وهذا يقودنا فعلًا إلى العمل على ايجاد برامج توعوية للصغار حتى وإن كانت على مستوى المدارس، حتى وإن كانت مع بداية كل عام أو في فترات مختلفة من العام، خصوصًا لسكان المناطق التي تقع بيوتهم بالقرب من الأودية، وهذا أمر من شأنه أن يقلل خطر الغرق وخطر الوفاة بسبب هذه الأجواء الماطرة. وعلى الآباء دور كبير أيضا في مسألة التوعية؛ فلا يجب على الأب والأم السماح لأبنائهم أن يغامروا بحياتهم مهما كانوا صغارا أو كبارا، أو أن يلهوا بالقرب من مجرى وادٍ، أو أن يطلب الولد من أمه أو أبيه أن يذهب لمشاهدة الأمطار إلخ... فهو أمر بالغ الخطورة، ويكفيه أن يشاهد كل شيء من نافذة منزله، أو من خلال التلفاز والصور المنتشرة عبر المواقع المختلفة، دون المخاطرة التي من شأنها أن تتسبب بخسائر فادحة.

ليست الخسائر فقط في الأرواح والممتلكات، فيمكن لأشخاص أن يظلوا طوال حياتهم يعانون من عاهة مستديمة، وربما يكلفهم الأمر خسارة أقدمهم أو أيديهم، لذلك يجب أن يمنع منعا باتا ارتياد الأودية في الأيام الماطرة والمجازفة بالسباحة؛ فالأودية ليست مكانًا للسباحة كما هو معلوم، بل هي مجرى مائي قد يكون محمّلًا بالصخور والأتربة والحشرات والمعادن والمخلفات المختلفة، وهي تمثل تهديدا على الحياة الشخصية التي يعتقد البعض منهم أنها تمثل أنشطة ترفيهية. إذا الحل يكمن في التوعية وضرورة التوعية.

ناهيك أيضا عن أن هناك الكثير من الأعباء التي تقع على عاتق رجال الأمن ورجال الدفاع المدني والأسعاف وشرطة عمان السلطانية، خاصة وأن البعض منهم لم يتمكن من قضاء العيد مع عائلاتهم نتيجة للظروف المناخية التي تمر بها السلطنة، وأيضا نتيجة الكمية الكبيرة من البلاغات التي تصل إليهم، بل في المقابل ظلوا يسهرون الليل بالنهار ويقفون في الشوارع وبجانب مجاري الأودية والأماكن التي قد يتعرض مرتادوها لأي مشاكل وخطورة، فهم يقومون بجهود كبيرة في محاولة منع المارة، وعمليات الإنقاذ، والبحث عن المفقودين، مع العلم أن القوانين لدينا في السلطنة تجرّم مثل هذه الأفعال. الذي يعبر الوادي متعمدًا فهي جريمة ولها عقوبة جنائية يحاكم عليها، فمالذي يدفعنا للقيام بذلك؟!

علينا أن نكون أكثر وعيًا وأكثر نضجًا، وأكثر ثقافة مما نحن عليه الآن، فلا ينبغي أن تتكرر مثل هذه المشاهد؛ فخبراء الطقس يتوقعون أن تتزايد مثل هذه الحالات المناخية في السلطنة خلال السنوات المقبلة، فلا ينبغي علينا مع كل زخّة مطر أن نفقد أطفالًا وكبارًا في مختلف الأعمار؛ لأن هناك من يهمل في حماية نفسه وأهله، وهناك من يستهتر أو لا يلقي بالًا بإجراءات السلامة، وأخيرا يجب أن نتخذ الحيطة والحذر في كل ما نقوم به من أفعال وأن يكون العيد هو عيد فرح وسعادة، لا عيد حزن وألم .