فايزة بنت سويلم الكلبانية
التغيرات المناخية وتقلبات أحوال الطقس لم تعد خافية على أحد، فقد بات من المعتاد أن تهطل أمطار غزيرة في الصحاري، وأن تتوالى المنخفضات الجوية في موجات واحدة تلو الأخرى، وأن تستمر السحب الركامية تزين السماء لعدة أيام، ثم تسقط في صورة أمطار، تؤدي إلى جريان الأودية والشعاب.
وفي ظل ما تعانيه منظومة السدود في معظم أنحاء البلاد من أداء ضعيف، فإن الحاجة تتعاظم من أجل تطوير هذه المنظومة، بهدف الاستفادة من الموارد المائية التي تقدر بمئات الآلاف من الأمتار المكعبة من المياه، علاوة على تعزيز جهود الحماية من مخاطر الفيضانات التي تسبب فيها الأودية الجارفة.
الواقع يشير إلى أن معظم السدود أُنشأت في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وما يتم بناؤه الآن من سدود فهي بجهود أهلية تحت إشراف الجهات المختصة، لكن هذا ليس بكافٍ على الإطلاق، فمعدلات هطول الأمطار تسجل مستويات مرتفعة عامًا وراء عام، كما إن مناسيب المياه آخذة في الزيادة، ولم تعد السدود القائمة قادرة على استيعاب تلك الكميات الهائلة من مياه الأمطار، وبات من الضروري تطويرها وتعزيزها وفق رؤية استراتيجية تستشرف المستقبل، وتبني على توقعات خبراء الأرصاد والتغير المناخي.
وبالتوازي مع جهود حماية الموارد المائية من خلال الاستفادة من مياه الأودية، يجب إيلاء قضية تصريف مياه الأمطار في شوارع المدن أولوية ضمن خطط المحافظات، خصوصا وأن المحافظات باتت تتمتع بمنظومة لامركزية تساعدها على تنفيذ ما تراه مناسبًا من مشروعات، وفي ضوء ما خصصته الحكومة لها من موازنات مستقبلة تصل إلى 20 مليون ريال لكل محافظة، بناءً على التوجيات السامية في هذا الإطار. ففي كلٍّ تسقط الأمطار على المدن، حتى تمتلئ الشوارع الرئيسة والفرعية بالمياه، وتفيض لتدخل في أحيان عدة إلى البيوت والأبنية، ومنها مدارس أو مؤسسات حكومية وخاصة، علاوة على الخسائر التي قد يتكبدها المواطن نتيجة فقدان سياراته وممتلكاته، فضلا عن تكبد المزارعين لخسائر فادحة في المزروعات والمواشي، وغيرها.
هنا نقترح ضرورة تعزيز منظومة الصرف لمياه الأمطار، من خلال العمل على تصريفها من خلال مصارف المجاري، والتوسع في هذا المشروع الخدمي والتنموي لتكون مصارف المجاري منتشرة في كل ولاية ونيابة وقرية.
التحديات التي نشير إليها لم تعد مقتصرة على محافظات بعينها؛ بل صارت كل المحافظات عرضة لمخاطر الأمطار الغزيرة وجريان الأودية الجارفة، وكم تعالت نداءات الاستغاثة من المواطنين لإيجاد حلول لمن يعيشون في مجارِ الأودية أو يواجهون خطر تدفق وفيضان مياه الأمطار عليهم وعلى منازلهم وممتلكاتهم.
ما الذي يمنعنا من الاستفادة من تجارب وخبرات الدول الأخرى التي شهدت منظومة السدود فيها تحولات وتطورات كبيرة، مثل منظومة السدود الرقمية، حيث يتم التحكم في السدود عن بعد، عن طريق بوابات إلكترونية، وتركيب أجهزة استشعار لقياس معدلات ومنسوبات المياه، فضلا عن قياس نسب الشوائب أو الملوثات، وغيرها.
إننا أمام تحديات كبيرة في ظل تبعات التغير المناخي، ولا شك أن حكومتنا الرشيدة تسعى بكل جهد من أجل حماية المواطن من المخاطر الناجمة عن ذلك، لكن يحدونا الأمل أن تتسارع الخطى وأن يُكثف المسؤولون الجهود من أجل الخروج بحلول ومقترحات بناءة تعود بالنفع على الوطن والمواطن.
******
همسة:
ساعات تفصلنا عن عيد الأضحى المبارك، فلنجعلها مليئة بالفرح والسعادة، وسط توقعات بهطول المزيد من الأمطار خلال الأيام المقبلة، وهو ما يفرض على الجميع، وخصوصًا الشباب، تفادي عبور الأودية أو القيام بأي ممارسات تلحق الضرر بهم.. حفظ الله عماننا الغالية وطنًا يتطور كل يوم.