المحررات العرفية

حمود بن سيف السلماني **

المحررات العرفية هي عبارة عن أوراق محررة بين أشخاص طبيعيين (الأفراد) دون تدخل من موظف عام في كتابتها، لإثبات واقعة معينة أو مبلغ معين، سواء كُتبت بخط اليد أو بالطباعة، ولا تهم اللغة المكتوب بها تلك المحررات سواء كتبت باللغة العربية أو الإنجليزية أو غيرها من اللغات.

والمادة (15) من قانون الأثبات في المعاملات المدنية والتجارية، أوضحت وقررت أن المحررات العرفية صادرة ممن وقعها ما لم يُنكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط، أو إمضاء أو ختم أو بصمة، فالمحررات العرفية تعتبر صادرة من وقعها ما لم ينكرها صراحة وفي الوهلة (المرة) الأولى ، بأن الخط ليس خطه، ويشمل ذلك الوقائع المذكورة في الورقة أو المحرر العرفي، حيث ينكر ما هو مكتوب من وقائع إن كانت غير صحيحة، أو ينكر أنه قام بكتابة تلك الوقائع بخط يده، أو أنه ينكر الأمضاء أي التوقيع على تلك الورقة أو المحرر العرفي، حتى لا تعتبر حجة عليه، أو أنه ينكر الختم المختوم على الورقة أو المحرر العرفي، ويبين أسباب وضع الختم إن كان الختم يعود إليه، حتى تتضح الصورة لماذا تم الختم على الورقة أو المحرر، وكذلك بصمة اليد يوضح هل هي تعود إليه أو يوضح الأسباب التي قام من أجلها وضع البصمة على الورقة أو المحرر العرفي، وفي كل الأحوال يتوجب عليه عدم مناقشة المستند ، لأن في تلك الحالة لا يمكنه إنكار ما نسب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة، لأن مناقشة المستند يدل على أنه صادر من قبله، كما إنه لا يمكنه التمسك بعدم علمه بأن شيئا من ذلك صدر ممن تلقى عنه الحق، وصور المحررات العرفية لا حجة لها في الأثبات إلا بمقدار ما تهدي إلى الأصل.

وكثيرًا ما نجد أن الأفراد يقومون بتوقيع بعض عقود البيع أو الإقرارات في أوراق عادية، دون التوجه إلى الجهات المختصة لتوثيق تلك البيوع أو الإقرارات بالدين، حيث إن كل ذلك يشكل مشكلة كبيرة في المستقبل من حيث إمكانية إثبات صدور تلك الأوراق من أصحابها، وبعض الأحيان ضياع أو تمزق تلك الأوراق وضياع الحقوق لصاحب العلاقة أو خلفه العام أو الخاص.

ويلاحظ قيام بعض الأفراد بتوثيق الديون والحقوق بالطريقة التقليدية وهي بالكتابة بالدفاتر المنزلية، فتلك الدفاتر والأوراق المنزلية لا تكون حجة على من صدرت منه إلا في حالتين وهما:

  1. إذا ذَكر فيها صراحة أنه استوفى دينه من المدين، وإنه يبرئ ذمة المدين من الدين المطالب به.
  2. وفي حالة إنه ذكر فيها صراحة إنه قصد بما دون في الدفتر أن يقوم مقام السند لمن أُثْبِتَ حقًا لمصلحته، حيث إن ذلك يجعله مدينًا لصاحب الحق.

وإذا تم التأشير على المحرر العرفي أو السند العرفي من قبل المدين على أنه قد سدد ما عليه من حق أو إن ذمته قد بُرئت من الدين المطالب به، حتى وإن كان بخط المدين نفسه على المستند فيكون حجة على الدائن بشرط عدم خروج المستند نهائيًا من حيازته، ويمكنه إثبات أن المستند خرج من حيازته بكافة طرق الإثبات، وفي حالة إن المستندات العرفية لم تكن بتلك القوة القانونية أو أنها لم تهدِ إلى الحقيقة الكاملة فيحق للمحكمة- استكمالًا لذلك- إحالة الدعوى للتحقيق؛ ليثبت كل طرف دعواه وفق الإجراءات القانونية المتبعة.

فالمشرع العماني عندما نظم الأوراق والمحررات العرفية، حماية للأطراف الذين يثبتون حقوقهم بالمستندات العرفية والتي تكون بين يديهم، حيث إن بعض الأشخاص العاديين يوثقون حقوقهم والتزاماتهم في دفتر صغير يضعونه معهم لكتابة ما عليهم من التزامات وما لهم من حقوق، وذلك ما ينطبق عليه الدفاتر التجارية لدى التجار والتي يتم الاحتفاظ بها في المحل التجاري.

وفي الختام.. فإننا ننصح بتوثيق كافة المعاملات المدنية والتجارية ما بين الأطراف لدى الموظف المختص إن أمكن ذلك (الكاتب بالعدل أو أي جهة حكومية أخرى) حتى لا ينكر أي طرف مضمون المستند ويكون له القوة القانونية الرسمية والتي لا يمكن إنكارها إلا بالتزوير.

** محام ومستشار قانوني

تعليق عبر الفيس بوك