أخرجوا زياد

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

تلوح لنا في الأفق تباشير عيد الأضحى المبارك، وتقترب منا أفراحه لا أتراحه، وتزين سماؤنا بهجاته ولحظاته، وتغمرنا نفحاته وبشاراته، وترتسم في النفوس فضائله، وتنتشر برحمة الله تعالى خيراته، فيتبادل مسلمو الأرض فيه التهاني، ويتزاور الأهل والأقرباء والجيران والأصحاب والأصدقاء فيما بينهم، أبعدهم ربنا جميعا عن النيران، فيستقبلون بعضهم بالسرور، مهللين ومكبرين: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.

عزيزي القارئ.. الأيام مضت، والأوقات بحلوها ومرها انجلت، فكل منا بهذه الطاعة فرح، فهبت عليه نسائمها فحمد، وزانت أوقاته معها فسعد، فطاب قلبه فرقّ، وإذا رقّ راق، وإذا راق ذاق، وإذا ذاق فاق، وإذا فاق اشتاق، وإذا اشتاق اجتهد في جعل أوقاته في أيام العيد سعيدة، فحضر هذا وذاك، وجمع من هنا وهناك ما يتزينوا به، فأشرك في ذلك أهله، وقاسم ولده، وبارك لصهره وعمه وخاله، فهكذا أيام العيد تتسطر، وهكذا ينبغي أن تكون المشاعر فيه صادقة، والنفوس متصالحة ومتسامحة ومتحابة، فهيهات من جعل من أيام العيد تصالح، وأغلق صفحات الماضي وصافح، وهنيئا لمن شعر قبلا بغيره، وواسى وجاد في سيره، ومد يده فابتسم، ولشرع ربه احتكم.

إن العيد وقد تبعدنا عنه ساعات، فإنه صار على مقربة منا، وحتى كتابة هذه السطور، لسنا نعلم إن كنا سنلاقيه، ولسنا ندري أنكون ممن يحتفي به، أم ممن انتهى أجله وختم به.

إن في هذه الحياة الدنيا، كل شيء في زماننا هذا تغير، وكل شيء اعتراه إما جمال أو قبح فتحير، ففي الماضي كان للعيد أنس مختلف عن اليوم، وبهجة وسعادة وفرحة لا تضاهى، فلا مقارنة بين الأمس واليوم، وبين البارحة وغدا، فهذه سنة الله في خلقة، ولكن الناس فيهم الخير لا شك.

إن عيد الأضحى المبارك وهو يقربنا إليه، استعد له كثيرون، إلا أن هناك زمرا وجماعات وأفرادا لم يتسنى لهم الاستعداد له، ولم يتهيأ لهم التجمل والتزين له، لظروف مختلفة تلم بهم، ولأوضاع متعددة يرزحون تحت وطأتها.

ينبغي الاقتراب ممن هم كذلك، وبالتفكر فيهم لعل خيرا من الله تعالى ينالك، ولعل رحمة تأويك فتصلح بالك، ولعل توفيقا يستقيم معه حالك، فلا تترد في إمعان النظر فيهم، ولا تتهاون في الانصراف بالهمّ والفكر صوبهم، فلا يعلم أي منا أي حسنة وفعل يدخله الجنة.

يحزنني أن أقول إن هناك أحبابًا لنا وأهلًا وأصدقاء، لن يحظوا بفرصة قضاء العيد مع أهلهم وأبنائهم، مثل أخونا زياد الرجل الذي كان ولا زال مغتربًا عن بلده، ومنذ سنة وثمانية شهور يقبع عن زوجته وابنته وأهله في السجن، فأمّه من بلدها العربي في اتصال هاتفي بي. ومعي تبكي بكاءً مرًا؛ فالحزن على ولدها أتعبها. ولدها فلذة كبدها الذي منذ سنوات لم تره، وربما لم تسمع صوته. مطالب بمبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة ريال، تنتظر من أهل عمان كافة، من يفعل الخير فيه. ويتطلع إلى أهل الخير والمقتدرين من هذا البلد، أن يعتقوه بالدفع عنه، وإعطاءه فرصة لتصحيح أوضاعه.

والدته تواصلت معي من دولتها وبلدها العريق، تبكي ومكلومة، تترجى بأن نحاول إخراج ولدها من السجن، وللأمانة فالعين بصيرة واليد قصيرة، ليس لي قدرة، ويحز في نفوسنا، أن يأتي العيد وأخونا زياد الرجل العربي الأصيل في السجن، وهو في بلدنا ضيف معنا، وأخ عزيز وغال علينا.

أقولها صراحة وأرجو من أبناء عمان، أن يهبوا لإخراج زياد من السجن، زياد الذي ليس عمانيًا ولكنه عربي مسلم، يقول أرجوكم تعبت من السجن، فبنتي وزوجتي في عمان ليس لهم أحد، ولا أعرف عنهم شيئا. لا أعرف كيف هم وكيف تسير أمورهم، ولا كيف يعيشون وإذا مرضوا ماذا يفعلون، فكفاه سجنًا سنة وثمانية شهور، فزوجته وابنته اللائي يعشن بمفردهن في إحدى الولايات يعانين الأمرين، وليس لهن بعد الله أحد.

زياد في السجن وهو رجل غريب عن بلدنا وضيف معنا وعلينا، ولطالما هو بيننا وفي بلدنا، فحاله حالنا، فوجب احترامه وتقديره وإكرامه، وإخراجه من السجن، ليذهب لذويه ولأسرته فهم بحاجة له، خاصة في هذه الأيام، والمبلغ الذي عليه بسيط جدا كما تقدم ذكره أعلاه، فمن لها ليخرج زياد من السجن؟

تعليق عبر الفيس بوك