كيانات يكتنفها الشك!

 

يوسف عوض العازمي

alzmi1969@

 

"العمل الخيري اليوم أصبح تهمة تلاحق الدول والمنظمات الخيرية، سيكون التعويل على استمراره على المبادرات الشخصية". هيثم صوان.

 

لا شك أن العديد من الجهات التي تدعي تطوعيتها ومجتمعيتها وسلميتها هي في الحقيقة أدوات استخبارية مغطاة بأنشطة ذات طابع خيري أو اجتماعي أو مجموعات مشكلة لنشر ثقافة معينة في المجتمع، وأي متابع سيجد أن أكثر ما يتم التركيز عليه ليفتح أبوابا مغلقة هي حقوق الإنسان وقضايا المرأة، وهي القضايا ذات الجدل المستمر في مجتمعاتنا، وهناك أمور فرعية إن استلزم الأمر، تم التركيز عليها مثل مشاكل الفقر والبطالة وغيرها مما يعاني أي مجتمع منه.

هناك من حسِنيِّ النية ممن يرون أن مثل هذه المجموعات أو الجهات تؤدي أعمالا تتعلق بالمسؤولية الاجتماعية، أو إيمانا منها بالجوانب الإنسانية، وفي هذه النوايا الحسنة تجاه ماسبق خلل كبير؛ إذ لا تعتقد أن العالم يدار بمثالية براقة، كما تعتقد، فتش عن السياسة أو المال، هما العاملان الأهم، والمحرك لكثير من المبادرات التي تسمى زورا وبهتانا مجتمعية أو انسانية، أوحتى ثقافية!

هنا لا أقصد زرع الشك بكل شيء، ووضع النوايا الحسنة جانبا وبأن العالم مجموعة من الحيوانات المفترسة تبحث عن الفرائس بكل مكان وزمان، ممكن أن يكون فيما سبق شئ من الوجاهة، إنما الأكيد ألا تكن طيبا زيادة عن اللزوم وعلى نياتك.

أثناء كتابة هذه الكلمات، تذكرت أن إحدى أكبر الدول المانحة والمساعدة للجهات الإنسانية هي التي سجل باسمها كارثتي هيروشيما وناغازاكي إبان الحرب العالمية، لذلك لا تكن متفائلا على الإطلاق، صحيح لابد من وجود الخير، وبالتأكيد لوخليت خربت، إنما علينا دائما التنبه بأن المؤمن كيس فطن.

كذلك هناك أمر مهم ألا وهو مسائل التنصير، والتي اشتهرت بيننا بمصطلح التبشير، ولا شك أن البشارة أو البشائر أمر طيب ومفرح، إنما ما يحدث هو كلمة وضعت في غير موضعها، وأشبه بالحق الذي أريد به باطل، بالطبع لكل أمة الحق في نشر عقائدها وفق الأسس الموضوعية وأهمها موافقة سلطات البلد المستهدف نشر المعتقد أوالدين فيه، إنما ما يحدث هو ترويج بطريقة أقرب للقوة الناعمة، والتي مع الأسف ينجرف معها بلا قصد الكثيرون، والحمد لله أننا مسلمون موحدون لله عز وجل، ونؤمن بأن ديننا هو خاتم الرسالات.

لذلك على الدول التنبه من وجود مثل هذه المنظمات المشبوهة، والتأكد من آليات عملها، وأفكارها التوجيهية الحقيقية؛ إذ ليس عيبا تبادل الثقافات ولا الأفكار، إنما العيب في السماح بالترويج لأفكار مسمومة ليست من المجتمع وفيها بث لعقائد مسمومة. وهنا قد يبدأ الأمر بالاستهداف الثقافي والمجتمعي فإن تسهلت الأمور وكان الرواج والانتشار مرضيا، قد يصل الأمر لاستهداف العقيدة وكيان الدولة، وهنا الخشية، لذلك علينا الانتباه ورصد كل تحرك مشبوه يخل بالثوابت الدينية والمجتمعية والوطنية.

 

لا شك أن الانعزال مردوده سيء، والتقوقع ليس من السمات الجيدة، إنما علينا أن نحتفظ بالأصالة ونستفيد من الثقافات النظيفة من أية رسائل مشبوهة تضر المجتمع، وكما أسلفت فإن تبادل الثقافات لابأس به بما لا يخل بالثوابت.