الإجازة الصيفية

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

الإجازة الصيفية هي الفترة الزمنية التي يحصل عليها الإنسان بعد شهور من التعب والإرهاق الجسدي والعقلي، ومن خلالها يستطيع الإنسان الحصول على الراحة الجسدية والنفسية، وقضاء أوقات شيقة مع العائلة والأصدقاء، وتشكل الإجازة للطلبة والطالبات على وجه الخصوص عنصرا مهما من عناصر السعادة التي يسعى الجميع لتحقيقها في داخل الأسرة والمجتمع.

نستطيع القول إن المجتمع مع الإجازة الصيفية على صنفين؛ فهناك من يستغل الإجازة ويستثمرها بذكاء وحكمة ودراية، وهناك من لا يعرف كيف يقوم باستغلالها بالشكل اللائق به وبأسرته فتمرّ عليه الإجازة مرور الكرام بلا أية فائدة تذكر؛ لذا فإن الإنسان العاقل هو القادر على التخطيط الجيد والرسم المتكامل بما يفيده ويفيد من حوله، وذلك من خلال التركيز على رسم خارطة متكاملة لاستغلال واستثمار وقت الإجازة الصيفية بحيث لا تمر عليه وعلى أهل بيته ساعة إلا ويستفيد من دقائقها وثوانيها.

من خلال هذا المقال أود التعرض لكيفية استغلال الإجازة الصيفية للطلبة والطالبات خصوصا ونحن نبتدئ الاجازة الصيفية الطويلة التي إن لم يستغلها الآباء والمربين الاستغلال الأمثل في توجيه الأبناء فذلك يعني إننا سمحنا للفراغ أن يسيطر على أوقاتنا وأوقات من حولنا، وبالتالي لن نسير إلى نحو حياة أفضل؛ بل سنسير إلى نحو الجهل والضياع.

إن أوقات الفراغ هي من أكثر القضايا خطورة على أبنائنا وبناتنا في الإجازة الصيفية، فقد قيل: إن الوقاية خير من العلاج، لذا ينبغي على الإنسان أن يشغل وقته بما يعود عليه وعلى من حوله بالنفع والصلاح والخير، والتركيز على العمل الجاد في خلق البرامج التثقيفية في الإجازة يجعل من الإنسان قادرا على قتل الفراغ قبل أن يقتله ويدمر حياته؛ بل ويزيد من وعيه وإدراكه؛ ليكون عنصرًا فاعلا في المجتمع الذي يتعايش معه، فقد قال أبو عبدالله الصادق: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبْغِضُ كَثْرَةَ النَّوْمِ وَكَثْرَةَ الْفَرَاغِ".

اليوم هناك مسؤولية كبيرة على الآباء والأمهات والمربين والمربيات فلا بُد من مراعاة استغلال أوقات الإجازة الصيفية فيما يفيد الطلبة والطالبات، وهنا لا نركز على الطلبة والطالبات في تفعيل برامج محدودة متعارف عليها، وإنما استغلال الإجازة وأوقات فراغ الطلبة والطالبات واستثمارها بعمل برامج ترفيهية تثقيفية متكاملة، تتخللها حصص تعليمية تتناسب مع أعمار أفراد الأسرة وأبناء المجتمع من الطلبة والطالبات والاستفادة من المعلمين والمعلمات في تحقيق وتفعيل ونجاح تلك البرامج الصيفية التثقيفية، فكما نقوم بعمل فرق رياضية؛ ككرة القدم والسباحة وغيرها علينا تكوين برامج ترفيهية متنوعة تتخللها البرامج التعليمية؛ كتعليم الصلاة والفقه والعقيدة والأخلاق.

يقول أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- "لِلْمُؤْمِنِ ثَلاَثُ سَاعَات: فَسَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يَرُمُّ مَعَاشَهُ، وَسَاعَةٌ يُخَلِّي بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ لَذَّتِهَا فِيَما يَحِلُّ وَيَجْمُلُ. وَلَيْسَ لِلْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ شَاخِصًا إِلاَّ فِي ثَلاَثٍ: مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ، أَوْ خُطْوَةٍ فِي مَعَادٍ، أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ".

هناك تجربة أراها ناجحة في استغلال الإجازة الصيفية واستغلال أوقات فراغ الشباب في الإجازة بما يفيدهم وينفعهم، التجربة كانت في ولاية صحم بمشاركة جمع من المعلمين الكرام الأخيار الأوفياء أنقلها للقراء الكرام، هنا باختصار علها تكون في محل الفائدة للمجتمعات الأخرى وهي كالآتي:

نقوم في كل عام برسم خارطة ترفيهية للشباب لاستغلال اجازتهم الصيفية وأوقات فراغهم بما ينفعهم، بهدف توجيههم وحفظهم من الوقوع في فخ الفراغ ومشاكله وتنمية مواهبهم وطاقاتهم، فتارة نقوم باستئجار ملعب لكرة القدم، أو استراحة جميلة غناء فيها الألعاب وأحواض السباحة الواسعة والمريحة والممتعة، ثم تفعيل المسابقات المختلفة والمتنوعة بما ترضي طموح الشباب ورغباتهم الفكرية على أن يتخلل تلك البرامج الترفيهية البرامج التعليمية والتثقيفية؛ كتخصيص حصص لتعليم الأخلاق والعبادات والقيم الدينية والاجتماعية وكيفية المحافظة على العادات والتقاليد العمانية الأصيلة واحترام الوطن والمواطنة، وحث الشباب على أداء واجباتهم الأسرية والاجتماعية والوطنية، وذلك باحترام القانون وكيفية تطبيقه في الواقع الاجتماعي والأسري بحيث نضمن بذلك تربية صالحة لشبابنا من خلال استثمار إجازتهم الصيفية واستغلالها بهدف بناء الإنسان.

أخيرًا.. على المجتمع أن يعي جيدًا أهمية التعاون في بناء العقول الواعية والراقية من خلال تفعيل الطاقات الشبابية في المجتمع والاهتمام بها وبإمكانياتها، وذلك لا يكون حتمًا إلّا من خلال استغلال أوقات الفراغ، والتشجيع على احترام العلم وكسبه من خلال التعاون والمشاركة وإقامة الفعاليات التثقيفية، واستثمار الإجازات والعطل الرسمية في البلاد بهدف حماية الشباب من الانزلاق أو الضياع خلال الإجازة الصيفية.