هل يتمتع المحامي بأي حصانة؟

 

ياسر بن عبدالله السناني **

 

كثيرًا ما أثار هذا التساؤل حيرةً بين القانونين وخاصة المُحامين؛ فهنالك من فسَّر نص المادة (32) من قانون المحاماة العماني على أنها حصانةٌ للمحامي كجمعية المحامين العمانية، ومنهم من اعتبرها ضمانة -فقط- من الضمانات التي أعطيت للمحامي لمُباشرة عمله على أكمل وجهٍ ودون مكدرات.

وحول هذا الموضوع، تنص المادة (32) من قانون المحاماة العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (108/ 96) على أنه: "لا يجوز الحجز على مكتب المحامي أو موجوداته الضرورية لممارسة المهنة. وفي غير حالات التلبس التي يكون مكتب المحامي مسرحًا لها، لا يجوز القبض على المحامي أو تفتيش مكتبه إلا بإذنٍ من رئيس لجنة قبول المحامين". كما نصت المادة (87) من قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (99/90) والتي أقرت الحصانة القضائية للقضاة والتي تنص على أنه: "في غير حالات التلبس بالجريمة، لا يجوز إلقاء القبض على القاضي، أوحبسه احتياطيًا إلا بعد الحصول على إذنٍ من مجلس الشؤون الإدارية".

ولعل النقاش الذي أثير كان بسبب تشابهٍ بين المادة (32) من قانون المحاماة مع المادة (87) من قانون السلطة القضائية؛ فالأولى تقرر وجوب الإذن للقبض على المحامي تمامًا مثلما تقرر الثانية وجوب الإذن للقبض على القاضي، فلماذا اعتبرت الأولى ضمانةً والثانية حصانةً؟!

الجواب على هذا السؤال نجده في المادة (88) من النظام الأساسي للدولة، والتي نصت -صراحةً- على حق الضمانة للمحامي؛ حيث جاء النص على أن: "المحاماة مهنةٌ حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وسيادة القانون وكفالة حق الدفاع، ويمارسها المحامي مستقلًا، لا يخضع إلا لضميره وأحكام القانون، ويتمتع المحامون جميعًا في أثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم بالضمانات والحماية التي تقررت لهم في القانون مع سريانها عليهم أمام جهات التحقيق والاستدلال، وذلك على النحوالذي يبينه القانون" ،وعليه ،فالذي يصف المحامي على أنه يتمتع بحصانةٍ أيًا كان نوعها فإن الوصف -هنا- جاء في غير محله، وهومجانبٌ للصواب، وما يعضد ذلك هوقانون المحاماة ذاته، والذي جاء بعنوان "في حقوق المحامين وواجباتهم"، تحديدًا في الفصل الأول من هذا الباب، ولم يأتِ المشرع بمصطلح "الحصانة" في هذا الباب، وإنما اكتفى فقط بتسمية هذا الإجراء بالحق في الضمانة للمحامي، وذلك على عكس ما ورد في قانون السلطة القضائية الذي أفرد -وبشكلٍ صريحٍ- فصلًا باسم "في الحصانة القضائية وإجراءات رفعها" وهوالفصل التاسع من القانون.

وختامًا.. نرى أن المحامي العماني ينعم فقط بالضمانات المقررة له في قانون المحاماة العماني، فالحصانة أمرٌ بالغ الخطورة، لذا إذا لم يتم النص عليه صراحةً، لا يمكن استنباطه وقياسه على نصوصٍ أخرى مشابهةٍ له في الصياغة. كما يجب علينا التفرقة بين الحصانة والضمانة، فالمحامي وهو يعمل في ظروفٍ قد تكون غير ملائمةٍ لتلك اللحظة، يمكن أن يصدر منه سلوكٌ غير متعمد، فبموجب الضمانة المقررة له، تمنع مسائلته عما يصدر منه في قاعة المحكمة، طالما أن الفعل صدر منه في إطار أدائه لمهمة الدفاع.

** محامٍ ومستشار قانوني

تعليق عبر الفيس بوك