خربشات في الهواء

 

عبدالله الفارسي

 

يقولون إن الغربان من أذكى الطيور ولديها منظومة سلوكية مميزة في تعاملها مع بعضها، كما إنها مخلوقات وفية شاكرة ومثمنة للجميل.  

سيدة أمريكية تقول: كنت أضع طعاما للغربان التي تأتي إلى حديقة منزلي الصغيرة. وتضيف السيدة: في كل مرة كنت أرى بعض هذه الغربان تضع لي عملات نقدية وقلادات ذهبية عند بابي. تخيلوا، كانت الغربان ترد الجميل للسيدة، تلتقط لها العملات النقدية والقلادات الذهبية من الشوارع والأماكن العامة، وتقدمها لها عرفانا وامتنانا على الطعام الذي تضعه لها، أي أخلاق هذه التي تمتلكها الغربان؟!

بالله عليكم: متى آخر مرة ردَّ لكم أحدهم جميلا صنعتموه لأجله!

****

يقول المثل المصري "قالوا للحرامي احلف، قالوا جالك الفرج"، كل اللصوص والمجرمين وقاطعي الطرق وقاطعي الأرزاق يصومون ويصلون ويتصفحون كتاب الله ويحلفون، لذلك، هم دائما متربعين في الطوابق الآمنة من بناية الحياة الآيلة للسقوط.

****

أصبحت بيوت الفقراء ضيقة جدًا جدًا، حتى إنها لا تتسع لكعكة لذيذة في صبيحة العيد، ولا تحتمل ضحكة صافية في أمسية هادئة.

****

أحيانًا نعترف بذنوبنا دون حاجة إلى غرفة تعذيب أو كرسي كهربائي أو كرباج الشرطي، الضمائر الحيَّة تتخلص من أوساخها بشكل تلقائي.

****

حين حكم القاضي على الفقير الذي سرق كيس الخبز من الهايبر ماركت بالسجن عشر سنوات، صرخ المتهم: إنِّه مجرد كيس خبز سيدي القاضي! فقال له القاضي: لقد قمت بتهديد الأمن الغذائي للوطن!

****

حين ماتت جارتنا منذ سنوات وهي جائعة، أخبرنا إمام المسجد أن الشياطين كانت تأكل من رغيفها دون أن تعلم.

****

قالت لي أمي وهي في ثورة غضبها على أبي: قلب أبيكم أوسع من بيتنا؛ بل وأوسع من حارتنا كلها! بالله عليكم، هل يوجد اليوم زوجة تقول هذا الكلام عن زوجها وهي غاضبة منه!

****

تنام هي وأيتامها الخمسة وصحونها وطناجرها وكيس الخبز المعلق فوق سريرها في غرفة واحدة، وصاحب الرقبة السمينة ينام في قصره ذي الأربعة عشرة غرفة وكلبه يتغوط في إناء ذهبي من عيار 24.

****

قرأت في الأخبار ذات نهار أن الضمير الميت لا يمكن أن يستيقظ أبدًا وأن الأحاسيس المتبلدة يستحيل أن تتفجر حبًا وعطفًا وأن المشاعر المتحجرة لا تتدفق رحمةً وعطاءً وماءً.

****

حين نمثل أمام قاضي الذاكرة، حتمًا سيحكم علينا بالسجن المؤبد في زنزانة "الندم".. الندم على كل شيء.

****

حلمتُ البارحة أنني أقف في الصف الأخير في الطابور الأخير من المنتظرين على باب الجنة كنت الشخص الأخير من الصف الأخير، كنت آخرهم جميعاً، لدرجة أنني يئست تمامًا وشعرت بأنني سأحتاج 100 سنة حتى أصل إلى باب الجنة.

كان طابورًا مهيبًا وكبيرًا وعظيمًا وهائلًا، أكبر وأعظم من طوابير الباحثين عن عمل!

****

ذهب الرجل غاضبًا محتجًا على فاتورة المياه المرتفعة المسجلة باسمه، فقابل مسؤول الشركة،

وقال له: ليس عندي توصيلة ماء حكومي، فمن أين جاءت هذه الفاتورة؟ فقال له المسؤول: هذه فاتورة المطر الذي نزل عليكم الصيف الماضي وغسل بيتكم!

****

في ليلة العيد رأيته يكسر قفل صندوق الملابس المستعملة الواقع طرف الشارع الخلفي لقريتنا، كل يبحث عن "دشداشة عيد" تلائم حجمه الضئيل ومقاسه الهزيل.

****

حاليًا، أصبح الرجال يستخدمون مساحيق النساء، إنهم ينافسون زوجاتهم في مسابقة الليونة وماراثون الأنوثة!

****

كم أنا بحاجة إلى رعشة قلبية عنيفة تنفض أغصاني اليابسة وتسقط أوراقي الميتة، وتبعثر الحزن الذي يسكن روحي التائهة.

****

الغرب العلماني وأخوانه الأمريكيون المتصهينون "يغزون الفضاء يحاربون النجوم" منذ 70 عامًا، يحاربونها بمليارات المليارات من الدولارات المنهوبة من مختلف القارات، والأطفال في أكبر وأكثر قارات العالم لا يملكون ورقة وقلما ليرسموا نجمة أو قمرًا!

****

سقطت كرتهم في وسط داره الواسعة، خرج عليهم غاضبًا محتقنًا يثور كجاموس أمريكي. قال له أحدهم: عمي سقطت كرتنا في دارك. قال لهم: انتظروني سأحضرها لكم. أحضر الكرة وسحب سكينًا من مطبخه الفاخر. وخرج عليهم: نصف الكرة نصفين بسكينه الحادة ورماها في وجوههم الصغيرة البريئة. ثم لعنهم ولعن آباءهم وأمهاتهم.

ثم صدح آذان المغرب في الأرجاء، ركض ليمضمض ويتوضأ ويتطهر، وركض إلى المسجد محتلا الصف الأول!

****

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيس دولة النور والحرية يُهدد اللاعب المسلم السنغالي النادر "إدريسا" بالعقوبة لأنه رفض أن يلبس قميص إشهار المثلية والشذوذ الأوروبي. سود الله وجوهكم وقبّح حريتكم وطمس شذوذكم وأطفأ نوركم وأغرقكم في ضلالكم وظلامكم.

****

جورج بوش الابن، يعثر لسانه بذكر اسم "العراق" بدلًا من "أوكرانيا" في تهجمه على الرئيس الروسي ووصفه بالوحشية والهمجية.. سيُلاحقك كابوس العراق حتى تلفظ أنفاسك يا بوش، وسيقض الله مضجعك داخل قبرك أيها السفاح الكبير.

****

الحمدلله، انتهت كل مشاكلنا، وتلاشت كل مصائبنا، واختفت كل همومنا، ولم يبق إلا مشكلة الراهب سادجورو، لتُستفز الأقلام، وتُشعل الأوراق، وتُقرقع الكلمات!