ابني مدمن!

 

الطليعة الشحرية (حالوت أليخاندرو)

 

ابني مدمن، ماذا أفعل؟!

هكذا نشجت الستينية عصارة وحرقة كبدها، ماذا بعد لا شيء سوى الفراغ سقط فلذة كبدي في هذا المُستنقع وتدرج به كمن يتدرج في تأهيل دوري رياضي؛ بالأول قات ثم أنواع أخرى يمضغها، ثم حبوب، وتطور إلى استخدام النوع الأبيض الفاخر.

مصيدة المخدرات تسحبك إلى أن تلقي بك في عين الإعصار.. ستبيع كل شيء وأي شيء حتى روحك لو استطعت؛ هكذا هو حال ابني الآن.

لا تسألوني عن العلاج فقد حاولت شتى السبل، ولكن كيف؟ لا يوجد لدينا مركز لعلاج الإدمان ولا مصحة للعلاج السلوكي، اجتهدت ذات مرة وبعت أرضًا لعلاجه في إحدى الدول المجاورة، لا يهم كم صرفت وقد تعالج وتحسن، ولكن معنوياته سحقت ما إن عاد إلى الوطن، هو بنظر الجميع يعامل على أنه مدمن لم يتكيف ولم يحتويه، بل هشمت روحه المشروخة ومزقت أشرعته المشرئبة لغد أفضل؛ هكذا تهاوى ووقع مرة أخرى في براثن الإدمان أو كما يحب أن يسمي نفسه "إن تهمة الفساد لن تسقط بالأقدمية ولن تقلل أصابع الاتهام الموجهة نحوه، إذن فعليه أن يكون فاجرًا بحق فليكن مروجاً".

وهكذا كان من فضولي مستمتع بالقات إلى مدمن متمرس إلى مروج خبير!!

أصبح مروجًا؛ وقف بباب الصيدلية يبحث عن فريسة يسهل استغفالها وسحب أكبر كمية من الدواء المصرح والمرخص ولكن وفق محاذير وجرعات محددة؛ لأنها أدوية تسبب الإدمان، حاول الالتفاف على الصيدلاني ولكن هيئته المريبة بعثت الشك والريبة؛ استسلم للواقع بعدم حصوله على مبتغاه فانسحب، المفارقة أن يعود في جنح الليل وأن يتسلل إلى المستشفى دون أن ترصده أجهزة المراقبة أو الكاميرات؛ وصل إلى مبتغاه؛ حيث الصيدلية، التي كسر زجاجها، ثم دخل وحطم الخزانة الخاصة بالأدوية المحظورة وأخذ ما يُريد ثم هرب.

جميعها قصصٌ حقيقة، ليست من بنات أفكاري؛ نقطة على السطر.

السؤال: كيف سهّل دخول المروِّج إلى المستشفى؟ ومن سهّل له ذلك؟ في الحقيقة لا أعلم، ولكن أستطيع أن أخمن؛ وأنتم كذلك تستطيعون التخمين.

أخبرني أحدهم -يبلغ من العمر السادسة عشرة- أن الكثير من أقرانه يتعاطون القات بشراهة، وغيرهم يتعاطون مواد أخرى؛ الحقيقة لا تصدمني المواد التي يتم تعاطيها بقدر ما صدمني العمر (ستة عشر)؛ تضاعفت صدمتي حين أدركت أن الأمر شائع بين الفتيات أيضًا.

ألا ينتابكم قلق من اتساع ثقب الإدمان الأسود؟ لا أعلم عنكم، ولكن يعتريني الفضول لماذا الجميع يغض الطرف؟ ولماذا لا يوجد مركز لإعادة التأهيل النفسي؟ لماذا لا يُوجد مركز للطب السلوكي؟ لماذا لا يوجد نقاش عن الإدمان ومخاطرة وأنواعه؛ فالإدمان لم يعد مقتصرًا على المخدر أو المسكرات، فألعاب الفيديو تعد نوعًا من الإدمان.

لا يسحب ثقب الإدمان الأسود الأبناء فقط؛ بل عائلاتهم أيضًا، وهي بحق ظاهرة تستدعي وقفة لسرعة انتشارها بين صغار السن "المراهقين"، فكما يقال هم الأمل المنشود للمستقبل، فماذا إذا كان هذا الأمل مليئًا بثقوب الإدمان؟!

حسنًا.. لعل كل مراكز التأهيل مكلفة، فأين التوعية وأين التثقيف بمخاطر المخدرات وأنواعها والمنتشرة وأساليب انتشارها؟ وكيف يتم اقتناص الضحايا وسحبهم إلى هذا العالم المظلم؟ لنُطلق وسم "هاشتاج" (#ابني_مدمن) وليضع الجميع ما يأمله أو تجربته أو تجارب الآخرين.