ثعالب الفساد.. و"أرانب" المفسدين

 

مسعود الحمداني

samawat2004@live.com

 

(1)

الفساد منظومة ظلامية متكاملة، تنشأ حين يغيب القانون، ويغفو الإعلام، وتُعطّل التشريعات، وينام ضمير المسؤول.

(2)

(فسَد، يُفسد فسادًا، وإفسادًا، فهو إما فاسد أو مُفسِد).

تخريجاته كثيرة، ولكنه يؤدي إلى غاية واحدة، وهي: "نهب ثروات الوطن"، وسرقة أحلام ومُستقبل أبنائه.

(3)

ولا يعني الفساد نهب المال العام فقط؛ بل يعني كذلك تعيين "المفلسين" في مواقع صنع القرار؛ حيث يبدأ كل شيء من هناك، ويخطط لكل شيء من مكتب وثير، وقرار مُثير.

(4)

الفساد يكمن في إهمال العمل، وتأخير المشروعات، وإرساء المناقصات على غير المؤهلين، وهدر المال العام في ما لا نفع له، وهو في كل أحواله: "وضع من لا يستحق في الموقع الذي لا يستحق".

(5)

والفساد هو ذلك الكائن الهلامي الذي يتشكّل على كل هيئة، ووزارة، وكيان، حتى لتخال أن الوطن مجرد قطعة "جاتوه" يلتهمها كل نهمٍ جائع من "المتسوّلين".

(6)

وينمو الفساد في البيئة الخصبة التي يغمض فيها الإعلام عينيه، ويستخدم القانون سلطته في تحوير وتفسير مواد التشريع حسب مقتضى الحال، بينما ينعم الفاسد بغنيمته مرتاح البال تحت نظر ذات القانون.

(7)

لو سألنا كثيراً من أثرياء الفساد عن مصادر ثرواتهم، وحاسبناهم حسابًا عسيرًا، واكتفينا برد ما نهبوه لخزينة الدولة، لما بقي في هذا الوطن فقير أو مديون.

(8)

حين يوقن الفاسد أنه مطارد من القانون، وأن التشريعات لا تحميه، وأن أعين الجميع مفتوحة عليه، وسياط القضاء مسلطة عليه، وأضواء الإعلام كاشفة لفساده، حينها سيدرك أن لا مكان له في وطن نظيف.

(9)

كل مواطن، وكل صحفي، وكل قاضٍ، وكل مدعٍ عام، وكل مؤسسة رقابية وغير رقابية مسؤولة عن فضح الفساد، وتعرية المُفسِد، والضرب بيدٍ من حديد على رقبة الفساد، وتشديد التشريعات، والقوانين الرادعة، كي ينعم الوطن بالأمن، ويطمئن أبناؤه على مستقبلهم.

(10)

الصحفي أو الإعلامي الذي يفضح الفاسدين لا يجب أن يُطارد بذريعة القانون؛ بل يجب أن يُحمى باسم القانون.

(11)

النصوص القانونية الهلامية سبب في تسلط المسؤول، وتعسفه في القرار، لذا على المشرّعين إخراج مثل هذه المواد المطّاطة من القانون، وتحديد المصطلحات بدقة أكبر، وأولها مصطلحا: "النظام العام"، و"المصلحة العامة".

(12)

حين تنام الصحافة يصحو الفساد.

(13)

الدولة تسير على الطريق الصحيح لاجتثاث المُفسدين، لعل الطريق طويل، نحتاج معه للصبر، والإرادة النافذة لقطع يد الفساد من منابتها، وذلك ليس بالأمر الهيّن أبدًا، ولكنه قدر الدول العظيمة التي تُحارب كي تصنع مستقبلها.