خليفة بن عبيد المشايخي
شاء الله تعالى أن جعل حياتنا بين فرح وترح، وبين أحداث مسرات تسعدنا، وبين حالات مضرات تحزننا، ولا تخلوا من هاتين مطلقا، ولا تنفرد بالسعادة دائماً، ولا تتميز بالأحزان ما بقي الزمان دومًا، ولذلك يعرف الإنسان عندما يسعد إذ إنه وأما بنعمة ربك فحدث، وكذلك يعلم عنه عندما تظهر عليه أمارات الحزن والأسى، وفي الإصابة بذلك يتساوى الغني والفقير والضعيف والقوي، إلا أن هنالك ناس لا يسره أن يكون سعيدا بنفسه، إذ تجده واضعا هذا الحديث نصب عينيه وعامل به وهو "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه"، ومن هو هكذا والنعم فيه، فهو يرى أنَّ في خير الناس أنفعهم للناس، دعوة له ليكون خيرا وإنسانا نافعا وليس ضارا، مهما تعدد وكثر النفع الذي يقدمه للغير.
وتجد آخرين لا يعنيهم شقاء غيرهم وتعاسته، وفقره رغم نزاهته، ويرون أنفسهم فوق الجميع، ويظنون أنهم بفعلهم ذاك، محبوبين وكل الناس عنهم مسرورين.
إن المناسبات التي تمر علينا، هي التي تكشف حجم الاهتمام والحب والمُراعاة الذي يبديه الآخرون حيالنا، كالتي سنعيش أيامها بعد أيام قليلة من اليوم، وهي مناسبة عيد الفطر، الذي كثيرون يقولون عند حلوله، آهٍ يا عيد بأي حال عدت يا عيد.
فهناك كثيرون بات هذا النوع من المناسبات الإسلامية عند حلولها، تشكل لهم أحزانا كبيرة، وتجلب لهم عند قربها عليهم، متاعب وهموم وأوجاعا كثيرة، كالفقراء مثلا الذين ليس بمقدورهم شراء مستلزمات العيد لأطفالهم، لتكون زينة وخزينة، أي زينة على الأطفال والكبار والصغار عند لبسها، وخزينة بعد ذلك يحتفظ بها لاستخدامها في مناسبات أخرى، وأيضا كالسجناء والمرضى في المستشفيات.
وهنا إذا ما جاء العيد نجد قليلين من سيواسي الجراح، ومن سيشعر بأهمية حفظ ماء الوجه وصون كرامة المعوزين وتأدية الواجب تجاههم.
وإقبال الناس على أعمال الخير والبر والإحسان، يجعل المجتمع ينعم بالاعتدال، وتمضي به هذه الأفعال والأعمال الحميدة المشكورة، ليكون قويا ببعضه، متآزرا شكلا ومضمونا بنفعه، ومتآلفا ومتحابا دون بغضه، ومثابرا إلى توطيد العلاقات مع الآخرين، بالعديد من صور التلاحم والتحاب، وبالكثير من الأمور الإيجابية التي تأخذ بعين الاعتبار، حال الفقراء والمحتاجين وكرامتهم، الذين يجب إسعادهم في الأيام جميعها بشكل عام، وفي الأعياد بشكل خاص، فاجتماع السواعد يبني الإنسان والأوطان، واجتماع القلوب يخفف المحن ويبرئ الأسقام.
وإدخال الطمأنينة إلى قلوبهم في مختلف المناسبات إسلامية كانت أو اجتماعية أو وطنية، أمر فرضه الإسلام، ويمليه الواجب، وتحتمه الإنسانية، ففي عيد الفطر مثلا، هنالك زكاة الفطر وتُخرَج قبل صلاة العيد وتعطى للفقراء، ولكن هذه الزكاة أو الصدقات، ماذا يفعل بها الفقير والمحتاج في يوم العيد، بيد أنه كيف سيجهز أطفاله بالمال وبما يسعدهم ويفرحهم في العيد، فالمسألة أصبحت لا تقتصر على توزيع الرز والطحين وخلافه.
ان تركيبة المجتمع العماني ولله الحمد، تتميز بالرحمة وبالتداخل بين أفراده، وبالشفقة وبالتواصل مع أعداده، وبدوام الخير وأشكاله، لذا نرجو أن يتم النظر في أحوال شريحة كبيرة من المجتمع، لا تحتاج فقط إلى تقديم الطعام فحسب، بل إن أطفال ذاك الإنسان، يحتاجون أيضًا للخروج للنزهة والترفيه، وإلى الذهاب إلى الحدائق والمتنزهات وغيرها من الأماكن، ليلعبوا ولينبسطوا، شأنهم شأن الأبناء الآخرين.
فلا تبخلوا عليهم ولو بالقليل، لأنه متى ما حصلوا عليه، يسعدهم ويسرهم ويبهجهم ويلهمهم، فكونوا عوناً لهم لينعموا بالخيرات والبركات، وليحيَبونَ في سعادةٍ وبِشارات.