عقبة كؤود

 

 

◄ فلسلفة إنشاء الطرق واستحداثها تقوم في الغالب الأعم على مردودها الاجتماعي المتمثل في ربط المناطق ببعضها وتسهيل حركة الناس بين مكانٍ وآخر في ظروفٍ آمنة مطمئنة

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

khalid.algailni@gmail.com

@khaledalgailani

وردت في العديد من معاجم اللغة العربية أن العقبة الكؤود هي الشاقة المصعد، صعبة المرتقى، وهو وصف دقيق ينطبق تمامًا على عقبة العامرات بوشر، والتي تمثل طريق الجبل الرابط بين ولايتي العامرات وبوشر. هذه العقبة التي ما تنفك أحداثها تتوالى، وأثرها على سلامة الأرواح يتكرر بين فينة وأخرى.

إضافة إلى إغلاقها المستمر عند كل مطر تجود به السماء مع ما يصاحب هذه الأمطار من تساقط للصخور وفقدان لأمن الطريق، وخوفًا على سلامة الأرواح، ناهيكم عن الصيانة التي يحتاج إليها طريق العقبة بين وقت وآخر، وإغلاق جزئي لها لاستكمال هذه الصيانة.

إن فلسلفة إنشاء الطرق واستحداثها تقوم في الغالب الأعم على مردودها الاجتماعي المتمثل في ربط المناطق ببعضها، ولتسهيل حركة الناس بين مكان وآخر في ظروف آمنة مطمئنة، وبوضع انسيابي من حيث الحركة والاستمرار. ولها مردودها الاقتصادي من حيث الإسهام في نشوء مناطق جديدة، واتساع الرقعة العمرانية، وزيادة الأنشطة الاقتصادية، وديناميكية العمل التطويري والتنموي، وبالتالي فالطريق عصب أي تقدم وتطور، وسبيل ضروري لاستكمال المُنجزات وبلوغ الغايات.

ولا يخفى على أحد ما تمثله ولاية العامرات من نمو سكاني متسارع بشكل كبير، هذا النمو الذي يتطلب بشكل مُلح للغاية توفير الاحتياجات الضرورية، وخاصة الطرق السالكة باستمرار، والمتميزة بكل ظروف الأمن والأمان والسلامة.

كما يُدرك الجميع في ظل خطط التنمية القادمة للسلطنة ومرتكزات رؤية "عُمان 2040"، والحديث المستمر عن "مسقط الكبرى" في الاستراتيجية العمرانية، كل ذلك يتطلب الالتفاتة الحقيقية للعامرات باعتبارها منطقة دعم لوجيستي استراتيجي، وموقعًا لدعم الأنشطة الاقتصادية المختلفة، لاتساع رقعتها، وإمكانية تنفيذ الأنشطة الاقتصادية الداعمة فيها، وتهيئتها بالشكل الذي يسهم في القيام بدروها الوطني المنشود.

إن للعامرات دورًا محوريًا في التنمية الاقتصادية ضمن مسقط الكبرى، هذ الدور يتطلب العمل الجاد والمستمر على تنميتها، وتوفير البنى التحتية الضرورية لها. ومن هذه الضروريات التنموية الطرق الرابطة بينها وبين مختلف ولايات محافظة مسقط، ومن ثم ولايات السلطنة بشكل عام.

آن الأوان للتفكير الجاد، والعمل بشكل كبير، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإيجاد بديل حقيقي يستبدل العقبة الحالية بنفق تكون تكلفة إنشائه وصيانته أقل بكثير مما يحتاجه طريق العقبة من صيانة مستمرة على المديين القريب والبعيد، هذا النفق لا محالة سوف يسهم في إثراء الجوانب التنموية لولاية العامرات، وسوف يؤدي لنشوء مشاريع تنموية عملاقة تحتاج إليها الولاية بشكل خاص، ومسقط الكبرى بشكل عام.

وحقيقة الأمر إضافة إلى أن النفق أصبح حاجة ملحة لحفظ الأرواح وصون حياة الناس، والأخذ بأساسيات السلامة الكاملة، فهو كذلك يمثل جانبًا اقتصاديًا واجتماعيًا وسياحيا مهمًا للغاية.

ويمكن تحويل الطريق الجبلي الحالي والمناطق التي حوله أو في أعلاه إلى منتجعات سياحية شتوية وصيفية تتولى أمرها إحدى الشركات الراغبة في الاستثمار في هذا الجانب، وتفعيل رياضات التسلق والمغامرات الجبلية، والاستفادة في تنفيذ مشاريع سياحية رائدة، والعمل على زيادة الرقعة الخضراء في هذه المنطقة الجبلية الرائعة.

ولعلنا نرى في القريب المنظور نفق "العامرات- بوشر" ماثلًا للعيان أمام الجميع ونرى هذه العقبة الكؤود متنفسًا سياحيًا رائدًا يستقطب زواره من داخل وخارج سلطنة عمان.

حفظ الله تعالى عماننا الغالية بلدًا رائدًا متميزًا، ماضيًا نحو مسيرته التنموية بخطى الواثق المتمكن، وحفظ الله تعالى مولانا السلطان قائدًا لنهضتها المتجددة، وحفظ أبناء عمان الكرام.