تخطيط المدن واستشراف المستقبل (2-2)

 

د. سعيد بن سليمان العيسائي

استكمالًا لما ذكرناه في المقال السابق، نشير إلى أن أولى هذه التجارب غير المكتملة في وطننا، أو التي تحتاج إلى إعادة النظر هي تجربة توزيع الأراضي في أماكن ومخططات لا يوجد بها أي نوع من الخدمات عدا الكهرباء؛ حيث ينتظر المواطن لسنوات طويلة إلى أن يتمّ توصيل تلك الخدمات بشكل غير منتظم، ويستمر هذا لسنوات أخرى طويلة.

هذا الموضوع تمّ تحت مسؤولية وزارة الأراضي، واستمر إلى بعد تغيير مسماها إلى وزارة الإسكان، والعذر أنّ وزارة الأراضي توزع الأراضي فقط، بينما الخدمات الأخرى من اختصاص جهات أخرى.

وإذا اختلقنا العذر لوزارة الأراضي، التي أرى من وجهة نظري الشخصية، أنه لا عذر لها، فإنّ وزراة الإسكان عليها توفير السكن اللائق الملائم للمواطن، على اعتبار ما هو كائن في الوقت الحالي، وعلى اعتبار ما سيكون، أي -في المستقبل- على رأي أصحاب البلاغة العربية.

وكنت أتمنى لو تُشكّل لجنة من جميع الجهات ذات الاختصاص بالأراضي والخدمات، لإيصال الخدمات الضرورية، وتوفير البنية التحتية لكل مخطط قبل توزيع الأراضي، كما هو معمول به في العديد من الدول.

وثاني هذه التجارب غير المكتملة، أو التي تحتاج إلى إعاة نظر: هي تجربة الطّرق، أو بالأحرى كثرة الدّوارات، وبخاصة فى طريق الباطنة القديم، حيث يضطر المستخدمون لهذا الطريق للانتظار لمدة طويلة، وخاصة فى الإجازات.

وكان دوار صحار بالقرب من متجر اللولو أحد أبرز هذه الدّوارات التي شهدت ازدحامًا شديدًا في أوقات الدوام الرسمية، أو عند الخروج من الدوام.

وإذا انتقلنا إلى دوار الموج، فإنه يكاد يكون المنفذ الوحيد للخروج والدخول إلى هذا الحي الجميل المميز، ويشهد ازدحامًا شديدًا وبخاصة من الطريق القادم من جهة الوزارات مرورًا بمركز سلطان للتسوق بشارع 18 نوفمبر في بعض الأوقات، وخاصة الفترة المسائية، وأنّ البحث عن حلول تخفف من هذا الزحام أصبح أمرًا ضروريًا.

وثالث هذه التجارب غير المكتملة، أو التي تحتاج إلى إعادة نظر: تجربة محطات البنزين (تعبئة الوقود)، فقد أشرت إلى تجربة حكومة أبوظبي فى هذا المجال، وأودّ أن أضيف إليها بعض المحطات المتكاملة، أو شبه المتكاملة في مصر، كبعض تلك المحطات على طريق القاهرة- الإسكندرية الصحراوي، وطريق القاهرة- الغردقة، فإنه يروق لي التوقف في هذه المحطات؛ لما أجده فيها من الخدمات الضرورية للمسافر، إضافة إلى وسائل الراحة، المقاهي التي تحمل أسماء ماركات عالمية في بعض الأحيان.

ولنا حديث مع تسليك، أو توصيل الغاز للبيوت في حي المهندسين، وغيرها من أحياء القاهرة، فإنّ شبكة الغاز تصل إليها، بل قد وصلت إليها منذ عشرات السنين.

أما عندنا في عُمان، فإنَّ المكان الوحيد الذي تمّ توصيل شبكة الغاز إليه، يكاد يكون جامعة السلطان قابوس حسب ما نما إلى علمي. وإني لأتساءل عن سبب عدم توصيل الغاز، وخاصة إلى الأحياء النموذجية، أو المميزة كخطوة أولى؟!

ومحطتنا الأخيرة في مجال المشاريع غير المكتملة، أو تلك التي تحتاج إلى إعادة نظر، هو موضوع الصرف الصحي؛ حيث تظل مشكلة مجاري صحار أنموذجًا واضحًا عليها.

وإذا انتقلنا إلى المجاري فى أوروبا، فإنها موجودة منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية؛ حيث أشارت رواية الرجل الثالث (The Third man)، التي كانت فيلمًا، ثمّ تحولت إلى رواية، وقد شاهدت الفيلم، وقرأت الرواية التي اختبأ فيها بطل الرواية في المجاري في النمسا (Austria) التي كانت مقسمة إلى مجموعة أقسام (Zones) كلّ قسم منها يتبع لدولة.

وسمعنا في الآوانة الأخيرة عن مشاريع أخرى غير مكتملة، وأخرى بحاجة إلى إعادة نظر كمشروع المدينة الزرقاء، ومشروع مدينة العرفان.

ولا ندري مدى صحة ما يقال، وما يتداوله الناس، ولكنّ المستقبل كفيل بتوضيح الكثير من الحقائق والأمور، وكفيل بوضع الكثير من الأمور فى نصابها.

تعليق عبر الفيس بوك