إسماعيل بن شهاب البلوشي
عندما يكون التعليم ركنًا أساسيًا في حياة الشعوب عن معرفة واطلاع، فإنَّ النقاش والحديث عنه يكون مبدأه المصارحة والواقعية والمسؤولية، وتكون الحلول مبنية على رؤية أبعد بكثير من مجرد الحديث عن مناهج وأسلوب تعليم، فهذه الجوانب على الرغم من أهميتها إلا أنها لا تكون شيئاً في عالم التنظير وتوجيه بوصلة التعليم الإستراتيجية للأوطان.
اليوم.. هناك الكثير من حاملي الشهادات التعليمية يناقشون مسيرة التعليم، ولكن وللأسف الشديد فإن توجيه النقاش لا يتعدى اللوم وتبادل الكثير من الأفضليات حول العالم، ولذلك فإن هذا الجانب الهام من مسار الحياة هو بحاجة إلى تحمل المسؤولية المجتمعية شاملة وكاملة من ناحية وكذلك إلى تغيير أسلوب القراءة النقدية والمراجعة للعملية التعليمية.
أغرب ما يجعل الخلط بين النجاح والتقصير هو ولوج المتدني والمبدع في دائرة واحدة دون إعطاء الفرصة والوضوح للعمل والتفاضل، ففي حين أنه يطلب من إدارة مدرسة مثلاً أن تكون نتائج العام مرتفعة ونسب النجاح عالية وتكون المقارنة على هذا الأساس، وبذلك فإن المشرّع والمراقب العلمي يخرج فوراً من معرفة حقائق الإنسان الأولى وهي الفروق الفعلية بين الطلاب لذلك فهو يحافظ على وظيفته ومنصبه وما يكسب ولم يتمكن من إظهار الحقائق والتعامل معها بما يتناسب، وكذلك فإنه يبتعد عن المواجهة العامة ليس أكثر ويوحي للجميع أن الأمور على مايرام وإذا كان تعليما خاصا وعلى أي مستوى فإنَّ النجاح قد يكون جانبا من الكسب المادي.
وإذا أردنا تقريب الأمر أكثر من ذلك بكثير، فإنه لو تم إعطاء كل ذي حقٍ حقه وبكل حزمٍ ومتابعة وأمانة، إلى جانب تأكيد أن هناك من تم استبعادهم عند محاولة الغش في الامتحان، لكان للعلم مكان آخر. وبسؤال في نفس السياق: هل يمكن أن تكون نتائج أي مدرسة نجاحًا مطلقًا ولا يوجد حالات تفوق ورسوب؟ وهل سيكون قياس المدير والمعلم على حساب النجاح والرسوب؛ حيث تكمن المشكلة الأساسية؟
هنا يجب أن نغير الفكرة إلى طالب العلم فهو المعني وله الحق بالشكوى من التقصير وعدم الحصول على العلم بالطريقةِ المثلى وليس بالشكوى لعدم الحصول على الدرجة العالية، وعلينا جميعًا أن نتقبل ذلك ونعمل على إصلاحه، وإذا ترفعنا بالفكر والقياس للمستقبل، فعلينا ألا ننظر إلى الرسوب على أنه فشل بل هو مرحلة مراجعة يمكن لصاحبها أن يكون أفضل إنسان بين زملائه، أما إعطاؤه صفة النجاح وهو عكس ذلك، فهذا يعني انتقاصًا في حقه ومستقبله واعتداله أولاً ثم على قيمة الوطن ومقاييس العطاء والعمل المجتمعي بشكل عام.
وأخيرًا.. إننا وفي حالة الاستمرار على مرحلة الجمود الذي نعيشه في واقع التعليم والقبول بما نحن عليه، فذلك يعني إننا نعيش واقعًا سلبيًا وخجولًا في إيجاد الحلول وفي أماني الوطن من أجيال المستقبل التعليمي، وبذلك يكون قد دخل في مرحلة القراءة العاطفية وضعف معلن من المشرفين عليه وطغت أفكار الباحثين عن الشهادة الورقية والوجاهة، وفُقد العلم الذي يفترض أن يكون واجهة العطاء والعمل والإبداع والتفوق في كل شيء، بين بني البشر في أي مرحلة من مراحل الزمن.