مدرين المكتومية
من منِّا لم يُخطئ، من منِّا لم تمر عليه لحظاتٌ وشعر بالنَّدم على لفظ تلفظ به، أو كلمة قاسية ألقاها على مسامع أحدهم، من منِّا لم يعش لحظات يحاسب فيها نفسه على فعل ارتكبه وعلى أحكام مسبقة أطلقها، من منِّا لم يظن ظن السوء بأحد؟ لا يوجد أحد! جميعنا بالطبع ولو في لحظة ضعف وقعنا في هذا الخطأ، ولسنا معصومين من الخطأ لأننا وبكل بساطة بشر نتأثر وتؤثر بنا العوامل المحيطة.
ليست المشكلة في أننا نخطئ؛ بل في أننا نتعلم كيف نسامح، كيف نتعلم ثقافة التسامح في حياتنا، فلسنا ملائكة، جميعنا نخطئ ومعرضون للخطأ ولكن علينا أن نتجاوز ونبدأ كل يوم وكأننا نفتح صفحة جديدة مع أنفسنا ومع الحياة ومع البشر المُحيطين بنا، خاصة وأن علينا أن نتعلَّم التعايش في انسجام مع المحيط حولنا، وهذا لا يتأتى سوى بالتسامح والسُّمو والرقي في التعامل.
إنَّ الإنسان المتسامح هو شخص بالأساس من داخله جميل، لا يحمل الضغينة ولا الأذى لغيره، تجده سرعان ما يتنازل ويهدأ بمجرد أن تُلقى عليه كلمة طيبة، أو أن تعود إليه وأنت محمّل بالذنب تجاه خطأ ارتكبته في حقه.. إننا بحاجة لأن نكون مجتمعاً متسامحاً، مجتمعاً يرفض أن يطول الخصام بين أفراده، علينا أن نكون أكثر قبولاً لبعضنا، وأكثر رغبة في التسامح، علينا أن نتعلم البدء من جديد، وأن نفتح صفحات جديدة وأن نعطي للآخر فرصة، لأننا في نهاية المطاف لا يمكن أن نعيش بمعزل عن بعضنا البعض ومهما كبرت المشكلات.
دعونا نتعلم إعطاء الفرص، نصحح ظنوننا، نكون أكثر محبة لبعضنا، علينا أن نكتسب مهارة التجاوز والبدء من جديد، علينا أن نربي أبناءنا على المحبة وعلى حسن الظن، وعلى المسامحة والاعتراف بالخطأ، علينا أن نزرع فيهم هذه البذور الصالحة وعلينا أن نكون أيضا قدوات لهم، أن نمارس كل هذه الثقافات المحببة لنصنع جيلا غير أناني ومكترث، جيلا واعيا وملتزما، ولديه من الصفات الحميدة ما يجعله يساهم في تقويم سلوك مجتمعه.
علينا أن نستشعر معنى التسامح، أن نعيش الحياة بروح صافية وبدواخل سليمة، أن نتصالح مع أنفسنا ومع الآخرين، أن نفكر في الحياة التي نعيشها وسنعيشها، علينا أن ندرك ألا مجال للعيش بصراعات داخلية، وصراعات مع الآخر، علينا أن نؤمن وندرك أن كل شيء بيد الله، وأننا خلقنا مختلفين وتربينا في بيئات أيضًا مختلفة، يتطلب فيها الأمر التماس الأعذار وتقبل الآخر، وأيضا التعاون في خلق جو يسوده التسامح بشكل دائم، وإننا خلال هذه الأيام الفضيلة.. علينا أن نعيش أيامه مخلصين في طاعة الله وبنوايا طيبة.. علينا أن نمتلك مفتاح التسامح الذي يجعلنا نعيش حياة هانئة وسعيدة، ألا نحمل أي مثقال ذرة من الحقد والضغينة، مهما كان حجم الألم الذي قد يخلّفه الآخر، وربما دون أن يقصد!