"اسمع وشوف"

 

مدرين المكتومية

 

بشغف يتجدَّد كل عام في رمضان، تابعتُ الكثير من المسلسلات الدرامية التي ننتظرها كل رمضان، على مختلف المحطات التلفزيونية، الخليجية منها والعربية، وحتى الدراما المحلية، وقبل أن أذكر مدى نجاح أو جمال ما يُعرض، ومدى فشل البعض الآخر، وكم الانتقادات اللاذعة التي لاقتها الكثير من الشخصيات والمسلسلات عبر منصات التواصل الاجتماعي، أودُ في بداية الأمر أن أبارك وجود عمل درامي عُماني هو "اسمع وشوف".

العمل قبل أن يكون مسلسلًا بحلقات منفصلة ومواضيع مختلفة استطاع أن يعيد الوجوه التي غابت لسنوات، الوجوه التي لم يكن لها حضورها منذ فترة طويلة، نبارك أيضا في المقام الثاني وجود وجوه شابة جديدة نفاخر بها، تمثل المجتمع العماني بواقعه الحالي، وهي فرصة أيضًا لنقدم الشكر الجزيل والتقدير لهؤلاء الفنانين الذين عملوا لسنوات طويلة لأجل الدراما العمانية وهم من ساهموا أيضا في تقديم جيل شاب من الممثلين الذين سيكون لهم مستقبلهم خلال السنوات القادمة إذا ما استفادوا من فرص تواجدهم بين هذا الكم من الفنانين، كما نشكر أيضا من شاركونا من مختلف الدول الخليجية.

إن وجود وصناعة دراما عمانية تأتي بالدرجة الأولى تثمين لجهد كل فنان عماني لم يتخاذل لو للحظة عن المشاركة في أي عمل يطرح عليه، وهو أيضًا إيصال رسالة بأن الدراما العمانية حاضرة على المائدة الرمضانية، ولم تغب ولن تغيب بإذن الله.

وفي واقع الحال، ولأننا مجتمع مختلف، ونحب الاختلاف أيضا، استوقفتني بعض التعليقات على العمل عبر منصات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يثير الفضول في نفسي، أيعقل أن نحكم على عمل من خلال حلقتين فقط، أيعقل أن نستصغر بعض الأحداث التمثيلية التي تضيف لأي عمل طابعه الفكاهي، ولكن كما ذكرت في البداية إننا نختلف عن بعضنا.

أعتقد أن العمل يستحق منِّا الإشادة، فعلى سبيل المثال القضية التي طرحها  المسلسل في حلقته الثانية عن قضية "المهر" بكل شفافية وواقعية وبأسلوب جدا رائع حاصل ويحصل في كثير من الأحيان، يرفضونك بسبب المهر، ويرفضون بسبب المراعاة فيه.

وهي رسالة واضحة وصريحة يقدمها المسلسل وتتمحور فكرتها في مصطلح يطلق عليه " الازدواجية " حيث إننا في كل ما نطرحه ونتحدث ليس بالضرورة ما نطبقه أو يمكن أن نطبقه، فالرسالة الأعمق من مسألة المهر هي أنه ورغم المطالبات والانصياع لها سيكون أيضا هناك رد عكسي وسلبي ومستهجن من قبل المجتمع، لأننا ننادي بالاختلاف ولا نؤمن به، ننادي بتغيير الأشياء ولا نقبل بصورتها الجديدة، نبحث عن حلول فقط لتكون شماعة ولكننا في الواقع نرفضها، وهو ما نعيشه كأشخاص حتى في أبسط الأشياء التي نريد القيام بها، فمهما كنت على حق هناك دائمًا معارض ورافض. وهذا ما حدث في مسألة المراعاة في المهر، وما سيحدث أيضا في كثير من المسائل التي نتحدث عنها كمشكلة وننادي بحلولها، ولكننا في المقابل عند تطبيقها سيصعب علينا استساغتها، وهو أمر طبيعي في ظل تأثر الآخر بمن حوله، واهتمامه التام بالغير قبل سعادته، لأننا وباختصار شديد نسينا أن نعيش الحياة التي نريد وذهبنا لتلك التي يريدها الآخر.

أعتقد ومن وجهة نظر شخصية أننا بحاجة لدعم بعضنا البعض ودعم وجود دراما، صحيح أن النقد البناء مهم ويصب في مصلحة كافة الأطراف، لكنه لا يعطينا الحق في إطلاق أحكام مسبقة، أو أحكام حتمية، علينا أن نعطي الفرصة لأي شيء في الحياة ليكتمل، كما هو الحال مع العمل، وبعيداً عن كل شيء أنا جدا فخورة بأنني أرى وجوها شابة جديدة في هذا العمل، وتمثل المجتمع العماني الحالي بما هو فيه وعليه.

وقبل أن أختتم مقالي، أرسل باقة حب وسلام لروح الفنانة القديرة الراحلة شمعة محمد، التي غادرتنا قبل أن تشاهد بنفسها هذا العمل الدرامي على شاشات التلفزة... وكل عام والجميع في مسرّة وخير.