التجارة الرابحة.. في رمضان

د. خديجة الشحية

Khadija82013@gmail.com

نقترب من شهر الخير والعطايا والأرزاق والرحمات، الشهر الذي يُمثل فرصة ذهبية لكل مُحتاج ومريض، ليحظى بألطاف الله الخفية، وتوافيق الخير بدعوات مستجابة من رب كريم، كلٌ يستعد له بطريقته، تجهيزات تختلف من شخص لآخر ومن بيت لبيت.

هناك من يُشارك في تنظيف المساجد وتزويدها بما يلزم سواء بمصلى الرجال أو النساء، ومتابعة النواقص لتكون مكتملة عند قدوم المصلين، هذا جانب وهناك من يستعد لشهر رمضان بتجهيز مكان العبادة للصلاة وقراءة القرآن الكريم في المنزل، ومنهم من ينشغل قبل قدوم الشهر الكريم بتجهيز التوزيعات الرمضانية (السلة الرمضانية) الصدقات الغذائية وبعضهم من يتطوع بالمساعدة في التوزيع في الأسبوع الذي يسبق قدوم الشهر، حتى بالذهاب لأماكن بعيدة حسب ما تتطلبه الأسر المعسرة البعيدة، وهذا تسخير من الله لعباده. بينما هناك من ينشغل بالاستعداد للشهر الفضيل بالأزياء والأطباق وغيرها من الأمور التي تربط باستقبال شهر رمضان ويستعد لها كل بيت بميزانية عالية وباهظة تدفع من أجل ذلك الاستعداد والذي تتنافس عليه العوائل بطريقة غريبة لافتة للانتباه حتى باتت الأسر المعسرة تتحسر لعدم قيامها بذلك مع أنه غير ضروري وليس من الدواعي لفعلها فقط هو تقليد لا أكثر، ويتهافت البعض في الأسواق والمجمعات لتجميع كل ما كتب عليه "رمضان مبارك"، هذا الجانب يعنيهم وحدهم وشأنهم ولا علاقة له بشهر الخير، كل ما يستعدون له في هذا الجانب لايغني ولايسمن من جوع،، يلهثون حول كل جديد لتكتمل مائدة رمضان وتشبع فضولهم وتمتلئ بطونهم، ولا يستطيعون أداء صلواتهم المفروضة، لتنتهي الصلوات بالفرض فقط، وهذا ما يكون لرمضان منهم، لا زيادة ولانقصان.

من تحدثت عنهم سلفًا في سطوري الأولى هم من يثمنون الثلاثين يومًا القادمة والتي ستأتي حاملة معها خيرا كثير، يقدرونها بحجم إيمانهم بوحدانية الله تعالى لهذا الكون، لمن يبحث عن رضا الرحمن ومفاتيح الخير ومشاعر التغيير للأحسن، الأيام الرمضانية بلياليها الثمينة هي مفاتيح لمن هو متعثر ومحروم ومظلوم، من استغلها وقام بها خير القيام حاز على الفوز الكبير وربح التجارة العظمى في حياته، التجارة التي لن تبور ولن يخسر من أتبعها واشتغل عليها ليربح الدنيا والآخرة، التجارة التي يجاهد جميعنا لنكون من الرابحين فيها.

إنَّ الاستعانة بالله في تلك الليالي هي النجاة من كل شر وضر، ويخسر الخسران الكبير من ينقضي عنه هذا الشهر وهو في غفلة الغافلين ونومة العاصيين، شهر الوفاء بفريضة الصيام، شهر ليلة القدر، شهر قيام الليل، شهر الإكثار من تلاوة القرآن الكريم، شهر العتق من النار، شهر الإكثار من الصدقات، الشهر الذي فيه العمرة تعدل حجة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، اللهم أعنا على الصيام والقيام جميعا في هذا الشهر الفضيل.