اللقاءات السلطانية (3)

 

من ظفار إلى صحار

د. خالد بن حمد الغيلاني

Khlaid.algailni@gmail.com

@Khaledalgailani

في يقيني الشخصي أن تكون بداية اللقاءات السلطانية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بمشايخ البلاد من ظفار، وأن يكون ختامها في صحار، مرورًا بحواضر عُمان وشوامخها، يمثل دلالة واضحة على أنَّ المبادئ العمانية لا تتغير، وأن الثوابت السلطانية لا تتبدل، وأن ظفار مبتدأ لكل خير، وصحار مُختتم لكل مُنجز، وأنَّ الحواضر العمانية في كل محافظة لها دورها المعلوم في مسيرة النهضة العمانية المتجددة.

إن ما تحدث عنه المشايخ من مشاريع ومقترحات، وما أكدوا عليه من متطلبات، كل بحسب ولايته ومحافظته خصوصاً، وعمان قاطبة عموماً؛ يدل دلالة واضحة على أن للمشايخ دوراً محورياً في التنمية العمانية، وأنهم جنباً إلى جنب مع مؤسسات الدولة المختلفة في سبيل تحقيق المنجزات، واقتراح المشاريع؛ وخاصة ذات البعد الاستراتيجي منها، والاستدامة والنفع العام.

لقد أثبت المشايخ- وهو كذلك دومًا- قدرتهم المأمولة في الحديث عن أولويات المشاريع التنموية، وهنا جاء دور الحكومة ومؤسساتها لتحديد أي هذه المشاريع أكثر إلحاحاً وضرورة، وأيها يتطلب البدء فيه مرتكزين على مصفوفات الاستراتيجيات، ومحددات المشاريع، وأسس التمييز بينها، وتحديد الأولى بالتنفيذ منها في ظل رؤية "عُمان 2040".

وكذلك فإنَّ المساحة التي منحها مولانا للمشايخ في الحديث، والوقت المتسِع الذي أعطاهم إياه يدل دلالة واضحة على علم مولانا بدورهم الوطني، ويقين جلالته بقدرتهم على الحديث المعتمد على احتياجات الوطن والمواطن، واقتراح الحلول المناسبة، وتنوّع هذه المقترحات بين مجالات مختلفة، تحتاج إليها مختلف المحافظات في المضي قدماً نحو التنمية الشاملة المستدامة. كما إن ردود جلالته على كل طرح وتساؤل واقتراح وطلب؛ دلَّ بشكل يدعو للفخر والاعتزاز على معرفة جلالته التامة، وإحاطته الشاملة، ومتابعته المستمرة لكل شاردة وواردة، وهذا جاء من الحرص السامي الكريم، وأن كل شبر من أرض عمان الغالية له نصيبه من التنمية، ولأهله حقهم من التطوير والبناء الذي يحقق الأهداف الوطنية المرجوة.

وإنه لمن يُمن الطالع أن يشير جلالته إلى أنَّ لرجال الأعمال والمثقفين والأكاديميين نصيبهم من هذه اللقاءات السلطانية في قابل الأيام، وهذه دلالة واضحة على أن كل أبناء المجتمع شركاء حقيقيون في العمل وأن مولانا السلطان المُعظم يسير في هذه اللقاءات وفق رؤية سلطانية واضحة، تعطي الجميع حقهم في إبداء الرأي والاستماع المباشر لجلالته، ليعلم الواحد دوره في المسيرة العمانية، وواجبه في نهضتها المتجددة. فيثب من فوره، للقيام بهذا الدور بكل عزيمة ورغبة صادقة وإخلاص؛ دافع الجميع في ذلك محبة الوطن، ورفعته، وتقدمه.    

المتابع للحراك الوطني يرى بعين البصير أنَّ الكثير مما تمَّ تداوله في هذه اللقاءات السلطانية أخذ طريقه للواقع، وترجمه أهل الاختصاص من خلال مختلف المؤسسات عبر حزمة من الأهداف والتوجيهات والإجراءات التنفيذية، من ذلك العديد من المشاريع المُتعلقة بتنمية المحافظات قد ظهرت عقوداً موقعة يبدأ تنفيذها، والمبادرات الشبابية أوجدت حركة وتفاعلاً من الشباب في كل ربوع الوطن، كل يسابق الآخر للإدلاء بدلوه واقتراح مبادرته التي لا محالة لها كل العناية والاهتمام.

إضافة إلى العديد من المشاريع الاستثمارية العملاقة والتسهيلات الواضحة لهؤلاء المستثمرين، والعمل الجاد على تنويع مصادر الدخل، وتخفيض الدين العام، وتعزيز فرص العمل وتوفير الوظائف، كل ذلك في إطار وطني يسير بخطى واثقة.

حفظ الله عُمان الغالية من أقصاها إلى أقصاها، وحفظ لنا سلطاننا المُعظم، وأدام علينا نعمه وفضله، وحفظ أبناء عُمان الكرام.