جابر حسين العماني
المتأمل في أحوال المُجتمعات الغربية وكثرة الانحرافات الأخلاقية فيها، يجد أنَّ أرباب الفساد لم يكتفوا بجعل الفساد محيطا بجدران دولهم؛ بل أصبحوا يصدرونه إلى الأمم والشعوب كلها- ومنها أمتنا العربية والإسلامية- بهدف إفسادها، فهناك الكثير من المخططات الفاسدة والمشبوهة التي تستهدف انحراف المجتمع العربي بشبابه من الجنسين، وفتح أبواب الجرائم والشذوذ أمامهم وتحفيزهم وتشجيعهم على الرذائل والموبقات، والتمادي والانحراف، ليكون الشاب العربي فاسد الأخلاق، بعيدا عن التعاليم الدينية والقيم والمبادئ الإسلامية والعربية الأصيلة بحيث يصعب هدايته، بل ويكون ميؤوساً من استقامته.
تلك المخططات الإجرامية لم تأت في ليلة وضحاها؛ بل لها خبراؤها ومسؤولوها الذين يواصلون الليل بالنهار لصناعة الوسائل الإعلامية الضالة والمُضلة والتي من خلالها يتم إيصال سمومهم وانحرافهم إلى عقول ونفوس الكثير من الشباب والشابات وبكل سهولة ومرونة، عبر التأثير على البسطاء والسذج منهم، فيستغل الشاب العربي من عدة جهات كدور السينما والنوادي الليلية، والمتنزهات والأماكن العامة والإعلانات والصحف والمجلات كقنوات فاسدة تستهدف المجتمع العربي بشبابه من الجنسين بهدف حرف عقولهم ونفوسهم وتغيير عاداتهم وتقاليدهم ثم إغرائهم بملذات وحطام الدنيا وزخارفها.
اليوم ونحن نعيش القرية العالمية المصغرة وتبادل الكثير من الثقافات والإمكانيات بين دول العالم، أصبح لزاماً على المجتمع العربي- خصوصا المجتمع الشبابي- أن يكون واعيا وفاهما وذكيا لما يحاك له من مؤامرات فاسدة يراد منها إضلاله، فلابد أن يعي المجتمع بما فيه من أفراد أن اتساع رقعة مشكلة الفساد كان ولا زال من خلال تنوع القنوات الفضائية المتلفزة والإنترنت وبرامجه المختلفة.
وأغلب تلك الوسائل سُخِّرت لاستهداف جيل الشباب أولًا قبل كل شيء، وهذا يعني أن الشيطان الغربي أصبح وأمسى مع كل الأسف يعمل جاهدًا من أجل تدمير الحالة الأخلاقية وإضعافها لدى الشباب العربي واستدراجهم بأفضل الطرق وأسهلها، ليدخل إلى بيوتهم بلا استئذان ولا رأفة وعطف وحنان، فمتى يا ترى يستيقظ المجتمع من نومه وسباته، ويتحلى بالشجاعة، ليُمسك الرموت كنترول لحذف القنوات التافهة والضارة؟ متى يستيقظ الشاب العربي المغرور بقوته وعنفوانه لمحاربة الأفلام الإباحية التي يصدرها الغرب إلى أسرنا ومجتمعاتنا العربية بلا رحمة؟ مستهدفا الإخلال بالشرف والنزاهة وإضعاف الإيمان والأخلاق في الأسرة، فكم من جريمة أخلت بالشرف عند مشاهدة تلك الإباحيات المحرمة شرعا وعرفا، وكم من بيت انهار أهله بسبب مشاهدة سموم تلك الأفلام وإدمانها؟
إنَّ الرصيد الحقيقي الذي ينبغي على الإنسان المحافظة عليه في مجتمعه وأسرته هو شرفه وسمعته التي لابد أن يحافظ عليها من الدنس والذنوب والموبقات، لكي لا يتعرض الإنسان إلى السقوط الاجتماعي لا سمح الله تعالى.
تؤكد الدراسات العلمية أنَّ إدمان مشاهدة المحتويات الإباحية والمحرمة شرعا وعرفا لا يقل من حيث الخطورة عن سموم المخدرات، فإنَّ إدمان مشاهدة تلك الأفلام خطر بالغ على الأسرة وأفرادها؛ بل وعلى المجتمع بأسره، فمشاهدتها تغرس في عقول المراهقين نهجاً خاطئاً حول العلاقات الجنسية المحببة التي أرادها الله تعالى للإنسان، فمشاهدة الإباحيات بمثابة القنبلة المدمرة التي تدمر العقل والنفس والعاطفة، وهي لا تقدم للإنسان ومجتمعه إلا العنف الجسدي والعدائي كالتحرش والاغتصاب والإكراه تجاه المرأة التي كرمها الله تعالى وجعلها شريفة ومكرمة في أهلها ومجتمعها.
كيف يستطيع الإنسان الابتعاد عن مشاهدة الأفلام الإباحية الفاسدة ليستطيع الحفاظ على نفسه وأسرته ومجتمعه؟ الجواب أضعه في نقاط لو طبقت بحذافيرها لسرنا بأنفسنا إلى الخير والاستقامة والصلاح، ومن تلك النقاط التي أذكرها:
- ثبّت برنامجًا لمكافحة المواد الإباحية على جهازك النقال أو الكمبيوتر أو الآيباد.
- لا تستخدم الإنترنت أو التلفاز أو برامج التواصل الاجتماعي إلا لهدف واضح ومحدد.
- استخدم التكنولوجيا في الأماكن المفتوحة مع الأهل والأصدقاء وحاول ألا تكون منفردًا.
- اقض الكثير من الوقت مع الأسرة فذلك يسهل عليك استغلال الوقت بما يفيدك ويفيد العائلة.
- تجنب الدخول إلى البرامج غير القانونية فهي التي تبث الفساد والإفساد في المجتمع.
- اشكر الله كلما شعرت أنك سيطرت على رغباتك الآثمة، كما في قوله تعالى: (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ).
- قوِّ إيمانك بالله وكُن مستغفرًا على الدوام.
- بين فترة وأخرى راجع أضرار مشاهدة الإباحيات وما تخلفه من دمار للعقل والأعصاب من خلال برنامج اليوتيوب أو المواقع العلمية النزيهة.
- عود نفسك على غض النظر، خصوصًا عندما تتفاجأ بوجود مواد محرمة، أرسلت لك عبر الهاتف أو الكمبيوتر أو الإيميل كما قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون).
أخيرًا.. هناك مسؤولية عظيمة تقع على عاتق الآباء والأمهات وهي التوجيه الصحيح والممنهج لأجهزة التكنولوجيا داخل الأسرة، وذلك من خلال الرقابة المستمرة لضمان صلاح الأسرة وتجنيبها الكثير من الكوارث والسموم التي تأتي من الغرب.