مستشار عشوائيات

 

عائض الأحمد

الاستراتيجيات والتوجهات العامة لأي منشأة تبنى على دراسات وحقائق وواقع معاش عندما يتعلق ذلك بدراسة السوق وحاجة عملائه لمنتج معين ماذا وإلا فسيفشل ويكبد هذه الشركة وغيرها الكثير عندما تضع مستقبلها في يد رجل واحد أو اثنين يجولون برؤوسهم قبل كراسيهم، وهم يحتسون مالذَّ وطاب، غير حامدين أو شاكرين لمن أتى بهم.

 ثم يُنظِّرون عن حال السوق وكأنهم من مواليد حينا الشعبي، علمًا بأن أغلبهم لا ينطق العربية لنقول بأنَّه يملك لغة التواصل مع هذه البيئة وهو بالكاد ينزل من برجه أو يتساءل عن قوانين أو عادات هذا الشعب أو ذاك النظام العمالي المرتبط بطبيعة الحال في أغلب دول الخليج بقوانين الدولة ومسارات تحسين مستوى دخل الفرد بصفة عامة.

 المضحك أنَّه قد يعتمد  الخطط والدراسات "قص ولصق" وهو يتوسد إحدى يديه في مقهى "ليوبولد"، غير آبه بنتائج حملته التصحيحية كما يظن دون أن يضع أو يهتز له طرف أو يجد من يقول له ما هذا، ماذا تفعل ولماذا، الحقيقة أن من يغلبه العجز ويفضل الصمت على أمثال هؤلاء يعد شريكًا مباشراً في ذلك، ربما نجد عذرا لأمثال هؤلاء ونحن نعلم بأنَّ البعض منهم لديه أجندة معينة وربما هدف خاص، ولكن أنت كممثل للموارد البشرية ابن البلد والعالم ببواطن الأمور وكل ما يدور في بلدك من تطوير وتجديد في لوائح العمل ذات العلاقة كيف لك أن تنساق خلف كل هذا، وماهي أهدافك أنت فلم نعد نعلم إلى أين أنت ذاهب بهؤلاء الشباب الطموح المنتشر حولك المتفاني في عمله عندما تأخذه على حين غرة مقدمًا له خطاب إعفاء مُغلف بكلمات أما التوقيع أو استخدام المادة "رقم وتاريخ" وكأنك تقول هذا النظام إن أردت وأنت تعلم قبل الجميع أنه وضع لردع أمثالك في شأن خاص جدًا، واستخدامه في أضيق حدوده عندما يكون هناك رجال من نوع آخر بالتأكيد لن تكون أحدهم.

كلنا يعلم أنها شركات ربحية تبحث عن النمو وجلب المال والمحافظة على ما وصلت إليه، عاما بعد آخر ولكن لا تعتقد أنها تفقد حصة في السوق ففعلت هذا، ليس ما تظن أبدا، وإنما أهواء أغلبها شخصية وأستطيع القول "مسيسة" يتبعها ما خفي أعظم.

هذه الإدارات المشاركة تنتحر وهي تلقي بقضها وقضيضها في يم المباركة لمكاسب آنية لن تتجاوز أرنبة أنوفهم.

التشريعات العمالية لم توضع عبثا فقد حفظت حق الجميع دون استثناء، ولم تقل القانون "لا يحمي المغفلين"؛ بل كانت  ملجأ مباشرا مقننا لم يقل عبثا أرسل خطابات شكر ومكافأة نهاية خدمة على حين غرةٍ.

تفتيت كيانات قائمة وعدم القدرة على تشغيلها وتسريح تلك القدرات الفنية والإدارية بأي حجة كانت هو خنوع واستسلام لرأي "الخبراء" مسوقي الأحلام، كيف لك أن تقنع رجلا ميدانيا يعمل أكثر من اثنتي عشرة ساعة يوميا أن هذه الشركات تفقد حصة في السوق، هراء يصدره لنا المتحدثون باسم الربحية والحقيقة المطلقة هو الفشل الذريع في عدم القدرة على استيفاء المتطلبات الحكومية المتعلقة بتنظيم سوق العمل ولذلك هو يبحث عن "مشغل" يتحمل كل هذا دون أن يتكلف المسألة مع الجهات ذات العلاقة، وهذا أشبه ببيع "Brand" الشركة ولكن بشكل آخر وإلا ماذا تسمي عدم قدرتك على تسويق منتجك الخاص.

يقول أحدهم في يوم ما وسنة ما وفوق أرض عامرة بالنماء أتى ذاك الرجل من "شام" الأرض وألقى خطابًا رناناً اهتزت له جدران المصنع وارتجفت له أرضه، ثم وعد الجميع بمستقبل مشرق لن تغيب عنه الشمس، وفي اليوم التالي طلب مقابلة "سيد الموارد" وألقى بقصاصة تحمل أسماء "مائة" موظف لا يرغب بهم بحجة "الترهل" في هذه المنشأة علمًا بأنَّ أجورهم أقل من خمسمائة دولار شهريًا، ثم وضع دراسة أخرى بجلب ابن جلدته كمستشار يفوق أجورهم جميعاً، فضحكت حتى بانت جذور أسناني وأغلقت فمي وما يجدى نفعاً فأنت أداة وغيرك الحكم.

وختامًا.. الكبار لم يشغلوا المناصب بعد، حينما تنصرف العقول يخبو وهج المكان.

*****

ومضة:

العودة إلى الماضي هروب جديد، يا لقسوة الحاضر!

يقول الأحمد:

حاولتُ كثيرًا ثم آمنت بقدري.

الأكثر قراءة