حمد بن سالم العلوي
إنَّ حال الأوروبيين وأمريكا اليوم كحال ناطور السوق قديمًا؛ حيث لا وجود لوسائل الرقابة الحديثة في ذلك الزمان، فإذا ما أخذ غفوة بسيطة، واستيقظ في أي وقت من الليل، زقر بأعلى صوته "أشوفك" وهو ما شايف شيء، ولكن وسيلة لتخويف الآخر من الاقتراب من أغراض السوق، فذلك الحال يشبه التهديد والوعيد الذي يطلقه الغرب وأمريكا اليوم ضد روسيا، فليس بعده أي شيء من الأفعال الحقيقية، وهم على قناعة تامة، بألا قبل لهم بقوة روسيا البوتينية، وإن أي تهوّر غير محسوب منهم سيُعجّل بالحرب النووية، وهم ليسوا نداً مناسباً لها في الوقت الحالي على أقل تقدير.
أما إذا كان ظنّهم بأنهم سيعيدون لعبة الجهاد، كما كان ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، فتلك كانت حالة لم يكن الرئيس فلاديمير بوتين مسؤولاً عنها، ولا المفتون بالجهاد ودفع النَّاس والمال لهم نفس الحضور في هذا الزمن، ولكنه أي "الرئيس بوتين" يعرف تماماً ما جرى، ولا أظنُّه سيُلدغ من جحور الغرب مرتين، وأعتقد إنّ لسان حال الرئيس الروسي يلهج بشكر هذا الغرب؛ لأنه أعطاه هذه الفرصة الذهبية، وهم في قمة الوهن والعجز، فأتته فرصة استعادة الوضع في أوكرانيا، وذلك بتصحيحه إلى وضع الجارة التي تجاور ولا تُؤذي بالانحياز إلى الغرب، أو إلى "نيتو" يضمر الشَّر والاعتداء على الغير، وليقول لكم أيها الغرب الظالم، ها أنا ذا فلاديمير بوتين وريث الاتحاد السوفييتي، وصاحب الثأر الروسي معكم الآن، وإنه- أي الرئيس بوتين- كان يعمل ليل نهار للقائكم في هذا الزمان والمكان، وذلك بعدما تماديتم في تشكيل الخطر الوجودي على روسيا، هذه الدولة العظمى التي أعاد صنعها بوتين على يده، لتكون دولة النّد وبزيادة الضعف، ويجب أن يحسب لها ألف حساب وحساب بعد اليوم.
إنَّ دولاب الظلم والطغيان والشّر المستطير، آن له أن يتوقف، وأن يكون لروسيا التي أصبحت عظمى، بعدما أعلنت العملية التصحيحية في أوكرانيا، والتي أصبحت وكراً لأي شيء يشكل خطراً على العالم، وليس على روسيا وحدها، وإنَّ هذه العملية التصحيحية لمسار العالم، قد بدأت فعلاً من أوكرانيا على يد القائد بوتين، وقد جعلتنا - نحن الذين كنَّا فاغرين أفواهنا - بانتظار الخير من الغرب، لعلاج أمراضنا المستعصي علاجها، حتى كشفت لنا عملية أوكرانيا، أنَّ هذا الغرب الذي كان يصور لنا أنه منبع الخير ولا شيء إلا الخير يأتي منه، أنه يعمل في الخفاء عكس ذلك تمامًا، وإنما يعمل فعلاً على حصر العالم في "المليار الذهبي" الذي حددته عائلة روتشيلد الماسونية- وحاشا لله أن يمنح الظلمة شيئا من تدابيره الكونية- فالعملية الجراحية البوتينية كشفت عن وجود مختبرات ببيولوجية وجرثومية، لإنتاج الأوبئة التي تفتك بالبشرية، وذلك حسب مكونات البشر البيولوجية وسلالاتهم الوراثية.
هذه الاكتشافات التي أتت مرافقة للعملية التصحيحية في أوكرانيا، قد يمتد مفعولها لكشف ما يحيق بالإنسانية من أذى ومخاطر حول العالم، وإن إمبراطورية الشّر والكذب التي قامت على أنقاض الآخر، ما زالت تسير على نفس النهج الذي سار عليه السفاح الإنجليزي "لويس وتزل" الذي كان يهدي للهنود الحمر بطانيات ملوثة بالطاعون، ويهدونه هم الذهب والفرو النادر، وذلك بحسن نية منهم، وما تحتم الفطرة البشرية عليهم، حتى أفنى غدراً أمماً كثيرة منهم، وما عجز عنه بالحيلة والخديعة والغدر، أكمله الكاوبوي بالمسدس والرشاش والمدفع، وهكذا كان يفعل الغرب ولا ننسى كراسي المسامير والخوازيق ومحاكم التفتيش، وبعضهم يحتفظ بالجماجم دليلا على قسوته وظلمه، وهذا هو نهج الغرب الاستعماري في الكون كله إلى اليوم والغد.
إنَّ هذا الغرب المتوحش في داخله، والمتدثر ظلمًا بعباءة الحضارة والحداثة، تأتيه اليوم عملية أوكرانيا لتفضحه وتظهره على حقيقته الشرسة، وما تلك الأمراض والأوبئة التي بدأت تغزو العالم في العقود الأخيرة، إلا من صنيع هذا الغرب الذي تسيره العقول اليهودية والعنصرية الفجة، التي ما فتأت تعلن عداوتها لله والبشرية، وليس وباء كورونا ببعيد عن هذه الزمرة المفسدة في الأرض، بدليل أنَّ هذا الوباء انتشر بصورة أكبر في الصين وإيران وروسيا، وهي خصم معلن للغرب، وحتى أنهم أي الغرب تمنّع بداية عن الاعتراف بوجود الوباء، اعتقاداً منهم أن ذلك سيخلصهم من العجزة وكبار السن، حتى تظل الحياة للأفضل كما يزعمون.
ثم؛ لماذا اختفى وباء كورونا بمجرد أن أعلنت روسيا عن وجود أكثر من ثلاثين مركزًا للبحوث البيولوجية في أوكرانيا، فما عدنا نسمع عن نشرات يومية عن إصابات كورونا، لقد كنَّا نسخرُ من التسريبات التي تقول؛ إنَّ الوباء سيزداد في الأشهر كذا وكذا.. ولكن هذا ما حصل بالفعل، ففي بداية 2021م انتشرت موجة قوية من الوباء في عُمان وغيرها من بلاد العالم، كما كان يروج له قبل ستة أشهر من ذلك التاريخ تقريباً، وهذا ما يؤكد أن هناك أيادٍ سرية تحرك الموضوع في الخفاء، إما باستغلال الطيور المهاجرة، أو بالرش المباشر من الجو، وذلك من خلال الطيران الذي يحمل الركاب بين القارات، أو بطرق أخرى لا نعرفها، ولكن أصبحنا نعرف النتيجة بالطبع.
إن الذين يراهنون على هزيمة روسيا، نقول لهم إن روسيا لن تهزم من أوروبا وأمريكا، وهذا كلام مجرد لتغييب الوعي عن التحول الكبير الذي يجري اليوم، وسيجري بوضوح أكثر بمرور الأيام، وإن الذي جرى في أفغانستان لن يتكرر في أوكرانيا، وإن روسيا بوتين غير الاتحاد السوفييتي، وإن هناك مياها كثيرة جرت من تحت الجسور من ذلك الزمن إلى اليوم، والرئيس فلاديمير بوتين لو رأى أن هناك احتمالًا ولو ضئل للهزيمة لما قام بهذه العملية، بل على العكس هو أعد لها الخطط جيداً، ولو أن الغرب يعلم أن بمقدوره هزيمة بوتين لما تأخر عن التدخل، وهو حتى الآن عاجز عن قطع النفط والغاز القادمين من روسيا، ومع ذلك يشتعل الغلاء في كل مكان بأوروبا وأمريكا، والشعوب الغربية بدأت الضجر من هذا التصرف.
وأن الذين يشيعون بقرب هزيمة وفشل روسيا في أوكرانيا، فتلك قناعتهم؛ بل أمنياتهم؛ لأنهم ينظرون إلى أمريكا والغرب أنهما قدر مقدر على هذا العالم لا مفرّ منه، فنقول لهم.. أنتم مخطئون، وإنكم لم تقرأوا التاريخ، وقد نعذركم من عدم أخذ الحكمة من القرآن الكريم، لكن التاريخ فيه عبر كثيرة، والحكمة تقول: "لو دامت لك ما وصلت لغيرك"، وأقول للمؤمنين بنظرية روتشيلد وقومه، إن هذا الكون يدبّره خالق حكيم بموازين لا تطغى على بعضها البعض، وإن الرزق مقدر في الأرض، لا تنقصه كثرة النَّاس بشيء، إلا بتدخل الإنسان ضد الإنسان، وكل إنسان يوم القيامة يحمل وزر تدخله، فما يحدث من تجويع في اليمن مثلاً؛ يحمل وزره فاعل من البشر، وسيسأل عنه يوم لا ينفع مال ولا بنون، لذلك لا نسميه قدر ربانيِّ وإنما تدخل ظالم.