معلمي منارة العقول

 

مريم بنت إبراهيم الفارسية

فضل المعلم على الأمة كبير، فهو الذي يُنِير طريق الأمة  إلى التقدم والنجاح، وهو الذي ينبني الأجيال الصاعدة والعقول الفذّة، فلولا المعلم ما تعلم أحد، ولولا المعلم ما تقدم وطن ولا نهض، فبفضل المعلم أصبح الطبيب طبيبًا يداوي المرضى، وبفضله أصبح المهندس مهندسًا يبني بيوت الناس؛ حيث يقدم المعلمون الجهد العظيم والعطاء المتواصل اللامحدود؛ في سبيل بناء أجيال واعية، ومن أجل قيادة الأوطان إلى برِّ الأمان.

إن المعلمين كالشمع الذي يحترق من أجل أن يضيء طريق الأجيال، فالمعلم كالرسول في إنارة طريق الأمة وبناء الأجيال المثقفة التي تخدم المجتمع، وحتى يكون المعلم مثاليًّا، وحتى يُحقق المعلم رسالته على أكمل وجه، وحتى يسير بالأجيال والأوطان إلى التقدم والرقي، يجب عليه أن يكون متمكنًا في علمه، مخلصًا في عمله، مقتدرًا على حل المشكلات وإزالة العثرات التي تعترض طريق طلبته، قدوة حسنة في خُلقه، لينًا في معاملته؛ فباللين يمتلك المعلم قلوب الطلاب، وامتلاك قلوبهم أسهل وأيسر طريق إلى امتلاك عقولهم وتغذيتها بالعلم النافع، والمعلم المثالي هو مَنْ يكون معتدلًا وسطيًّا في التعامل مع تلاميذه؛ فلا يجور عليهم، ولا يبالغ في التهاون معهم؛ فالأمة الإسلامية تمتاز بِوسطِيَّتها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بالتوسط والاعتدال في أمور ديننا ودنيانا، ومن حق المعلم على الطلاب والمجتمع أن يقدموا له الاحترام والتقدير، وأن يحسنوا التعامل معه، ويحافظوا على مكانته، ويستمعوا جيدًا إلى نصائحه؛ فالمعلمون وأهل العلم أعلم من غيرهم بالنصائح، حيث يقدمون النصائح التي تنفع الأجيال، وتحميهم من الوقوع في الخطأ؛ لذلك ينبغي عدم تجاهل نصائحهم وإغفالها.

وقد ميزهم الله سبحانه وتعالى، عن غيرهم في آيات كثيرة، ومنها قوله سبحانه وتعالى: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِيْ الَّذِيْنَ يَعْلَمُوْنَ والَّذِيْنَ لا يَعْلَمُوْنَ". ويجب على أولياء أمور الطلاب أن يتواصلوا مع المعلمين؛ ليأخذوا ملاحظاتهم بعين الاعتبار، ويتشاركون معًا من أجل بناء جيل أفضل، وصنع وطن أجمل، كما يجب على أولياء الأمور أيضًا بناء صورة حسنة عن المعلمين في عقول أبنائهم، حتى يظل الأبناء محافظين على مكانة ومنزلة المعلمين في قلوبهم وعقولهم.

وتعد مهنة المعلم من المهن السامية والرفيعة والعظيمة، حيث يقدم المعلم لطلابه أهم ما يمكن أن يحصلوا عليه في حياتهم، ألا وهو العلم؛ حيث يعلمهم العلم النافع الذي ينفعهم في دينهم ودنياهم، ولا يقتصر دور المعلم على الجانب العلمي فقط، وإنما يقوم المعلم بتربية الطلاب على القيم الإنسانية والأخلاقية السامية، ويكسبهم ثقافة حب الوطن والفداء والتضحية من أجله، ويعلمهم معنى العزّة والكرامة؛ ويغرس في قلوبهم مبادئ الصدق والأمانة والوفاء والإخلاص؛ أي أنَّ المعلم يبني جيلًا صاعدًا متكاملًا قادرًا على صنع وطن أفضل وأجمل.

ونظرًا لما يقدمه المعلم من تضحية وفداء، ومن جهد وعطاء، فقد جعل الإسلام له مكانة عظيمة ومنزلة كريمة بين الناس، وأفضل من المعلمين، ويجب على الأمم والشعوب أن تجعل معلميها في مكانة سامية، وأن تقدر ما يفعلونه في مسيرتهم العلمية والتربوية من أجل بناء مستقبل أفضل للأجيال والأوطان، فما ارتفع وطن إلا برفعة مكانة معلميه، ولا شك أن تخصيص يوم للمعلم، بمثابة مكافأة يسيرة له على ما يُقدمه من أجل الأجيال والأوطان، ويجب علينا أن نذكر أبناءنا في هذا اليوم وفي كل يوم بمكانة المعلم، ومنزلته وإنجازاته المتواصلة وتضحياته ودفعه الغالي والنفيس حتى يكون مستقبلنا أفضل، كما نقول لك أيّها المعلم في هذا اليوم العظيم، في هذا اليوم المبارك، ألا وهو يوم المعلم، نقول لك: أنت الأساس في إنارة عقول الأجيال، وأنت الأساس في صناعة الأوطان، لك منّا كلُّ التقدير والحب والاحترام، وأدامك الله نبراسًا تُنير طريق الأمة والأجيال إلى الحق، وكل عام وصانعو الأجيال بخير.

تعليق عبر الفيس بوك