احتيالاتٌ قانونية عبر الإنترنت‎

 

أنيسة الهوتية

الدِعايات والإعلانات لمُختلف الخدمات جزءٌ لا يتجزأ من خطة دعم المبيعات التِجارية، ولَكِن مِن المُسيء جِداً استخدام الخُطط الاحتيالية الخارجة عن مسار القانون الإنساني حتى لو كانت خُطاها ثابتة في قانون المسار التِجاري، والتي يظن مخترعوها أنَّهم أذكياء جِدًا لإتيانهم بأفكار من خارج صندوق الأفكار البائتة وزيادة حجم المبيعات فوق المتوقع أو إنعاشُ سُباتها.

وهيئة حِماية المستهلك التي تحميه من احتيالات الباعة أيضًا ليست لديها القدرة لِحمايتهِ هنا من هذه الاحتيالات التي تُستخدم لربما لمنفعة الأفراد في تلك المؤسسات التي تُتقِن هذه الوسائل الاحتيالية منفردين أو متجمعين! أو ربما لمنفعة المؤسسات ذاتها التي تظهر بمظهر شريف ظاهرياً ولكنها باطنياً ليست سوى عكس ما تظهره تماماً.

والحديث هُنا يطول كثيراً لو ذكرنا بالتفصيل كل شيء، ولربما سأكتب ديواناً من مئات الصفحات التي لن تنتهي، ولكن حتى نختصر على الكاتب والقارئ، ونذكر نوعاً واحداً مِن الاحتيالات هذه وَهي الدعايات القصيرة التي تظهر حين يتصفح المستهلك الإنترنت وخاصة المستهلك الذي لديه جِهازٌ بخدمة إنترنت تعود لمؤسسة وليس لفرد!

مثلاً، فُلان لديه هاتفان، أحدهما فيه بطاقة باسمه يستخدم فيها خدمة الدفع المُسبق من عمانتل أو أوريدو أو بخدمة مفوترة! والآخر يستخدم فيه بطاقة تعود للمؤسسة التي يعمل بها بخدمة الاتصالات المجانية بين شبكة الموظفين في تلك المؤسسة وأيضا حدٌ معين لخدمة الإنترنت المجاني مع الباقة الخاصة التي اشترتها تلك المؤسسة من الشركة إياها! وَلَكِن، عندما يتصفح فلان هاتفه الشخصي تظهر له إعلانات طبيعية كالمعتاد، والتي تظهر لثوانٍ ثم تغلق النافذة ويرجع الشخص إلى ما كان يتصفحه بأمان. بينما حين يتصفح من هاتف المؤسسة تأتيه إعلانات مُكثفة ومِنها بمجرد ما أن ينقر عليها للإغلاق يكون قد سجل نفسه في ذلك الموقع الذي لربما كان يعرض أفلاماً، أو ألعاباً، أو للتسوق، ودون أن يعلم المسكين تزيد فاتورة هاتفه عن المعتاد فإذا كان لديه حدٌ أعلى لن يشعر به لأنه ليس هو من يدفعها، وأيضاً المدققين في الشركة لن يشعروا به لأنه لديه سقفٌ عالٍ في فاتورته ولازال لم يلمسه! أما إذا كان سقف فاتورته أقل وتعدى فإنِّه سيخصم من راتبه ولربما سيكون مشبوهاً باستخدام ممتلكات المؤسسة خارج العمل! ولكنه بريءٌ براءة الذئب من دم يوسف!

وفي الفترة الحالية كَثرت مثل هذه المواقف مع شبكة عمانتل في هواتف موظفي المؤسسات الكبيرة، وبما أنني في مجال عملي لدي الكثير من المعارف والزملاء في مختلف المؤسسات الكبيرة والضخمة والتي تبتاع باقات الموظفين، تَعَرض من بين كل عشرة موظفين ثلاثة لمثل ذلك الموقف، وعندما اشتكى أحد الموظفين باتصال على شركة عمانتل رفض الموظف تسجيل شكواه بِحُجةِ أنَّ البطاقةَ ليست باسمه! حسنا، وبِما أن البطاقة باسم المؤسسة فمدير "الآي تي" مُتمثلاَ بالمؤسسة عليهِ أن يرفع الشكوى! ولكن أغلب المُديرين رفضوا، والبقية الذين وافقوا وقدموا شكواهم، أتاهم الرد بأنَّ هذه الإعلانات لمؤسسات تدفع لعمانتل لرفع إعلاناتهم في الصفحات أو عبر الرسائل النصية! وهذا بروتوكول لن يُلغى!

حسنًا، وماذا عن المستهلك الذي لا يشعر بأمانٍ في الإنترنت الذي تقدمونه يا عُمانتل؟ إذاً، من له الأولوية المستهلك الدائم أم أصحاب الدعايات الإعلانية الاحتيالية؟ والذين يستطيعون أن يقدموا إعلاناتهم عبر بواباتكم والدفع لكم بشرط ألا يشمل فيها "سبسكربشن" بمجرد النقر على الإغلاق.

هذا احتيالٌ واضحٌ يستهدف شبكات إنترنت المؤسسات والتي يدفع ثمنها الموظف البسيط حين يُخصم راتبه لجريمةٍ لَم يقترفها! فأين الحَل؟