الصمت المتحدث!

 

نور بنت محمد الشحرية

مفهوم السلطة الرابعة يطلق على قوة وسائل الإعلام ومدى تأثيرها، والآن وأنت في بيتك ودون أن تكتب حرفًا بأي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي لحسابات حكومية، فقط لمجرد متابعتك لتلك الحسابات فقد صرت سلطة رابعة!

هذا القرن هو عصر وسائل التواصل الاجتماعية التي ألغت الحواجز الجغرافية ومكنت كل مواطن وهو في بيته من الدفاع عن وطنه من كل تهديد لا يحتاج المواجهة الميدانية واستخدام السلاح، من خلال زيادة عدد متابعي الحسابات الحكومية، ومكنته من أن يصبح ناشطا اجتماعيا بمجرد تقديمه بلاغا لأي جهة من صميم عملها ذلك البلاغ.

وأكثر من نصف سكان العالم يستخدمون مواقع التواصل حسب الإحصائيات وما نسبته 39% من سكان الوطن العربي يستخدمونها. وفي مفاهيم الجودة التسويقية والرقابية للشركات الكبرى اتضح جليًا أن التوعية أهم من التفتيش على المنتجات أثناء سير خط العملية الإنتاجية للسلع، لأن التوعية هي خط الدفاع الأول للحماية من المخاطر قبل أن تقع ودائما الوقاية خير من العلاج وبالذات إذا كان فيما يتعلق بالعلاقة بين المواطن والجهات الخدمية.

وزيادة متابعي مواقع التواصل الحكومية ما هو إلا دليل على ارتفاع وعي المواطنين بأهميتها وأهمية دورهم في ذلك، فبمتابعتهم للإرشادات التوعوية والقرارات الصادرة ولما يتقدم به الآخرون من شكاوى وبلاغات تخزن لديه قاعدة معرفية تجنبه الخطأ وتجعل منه عنصرا فاعلا بالمجتمع إن قام بإعادة إرسال ما استفاد منه ونشره، أو حدث به من حوله شفهيًا.

هذا الوعي يجنِّب الوطن كل مخالف للتشريعات وخاصة بالأمن والتجارة، فالمخالفون لا قبل لهم بقوانين صارمة وجهات رقابية فاعلة ووعي مجتمعي عالٍ. ومن إيجابيات ارتفاع نسبة الوعي بالقوانين أنه يجذب كل الخيرين الذين يسعون للعمل في بيئة نشطة وآمنة ومجتمع واعٍ يميز الجودة ويقدر المجهود. وما الحملات التوعوية التي تقوم بها جميع الجهات الحكومية إلا لأجلك وأجل الوطن والرقم صفر إذا وضع على اليمين أمام أي رقم أحدث أكبر فارق والواحد يزيد على الصفر وأنت وإن كنت رقما صامتا فصمتك مُؤثر.

هذه الحملات تمثل ظاهرة اجتماعية سليمة ومطلوبة، وتتفق مع إقرار رؤية "عمان 2040" الذي أقره حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- ونصَّ على أنَّ الرؤية "خلاصة جهد وطني وتوافق مجتمعي وأن نجاحها مسؤولية الجميع دون استثناء"؛ فهي تخدم السعي على رفع المستوى العام، مما يعجل بتقدم حركة التنمية، وتعد ضرورة ملحة لتطوير المجتمع، مخافة حدوث فجوة حضارية بين تقدم المجتمع مادياً وتقدمه ثقافيًا وفكريًا.

والتقدم المادي مرهون بتوفر الإرادة والقدرة المالية، وتأسيس المنجزات المتعلقة بها ليس بمقدار صعوبة رفع الوعي العام، الذي يحتاج إلى جهود عظيمة للوصول إلى التعامل مع متغيرات الحياة المتسارعة المتقدمة على التقنية الحديثة بالأسلوب الأصح والأنسب.

ولقد كان التركيز على نشر سير الحملات التوعوية الإعلامية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ نظرًا لأنَّ أغلب الجمهور المؤثر بالمجتمع، من كافة النواحي المالية والفكرية والاجتماعية والثقافية المستهدف من التوعية الإعلامية هم من مستخدمي الشبكة العنكبوتية (الإنترنت).

ومن الملفت للنظر أن أهل الفكر ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (السوشل ميديا) المحليين -الذين يعول عليهم أن يتخذوا موقف المساندة لهذه الحملات الوطنية- وذلك للتأثير الذي يتمتعون به "كقادة رأي عام" ولديهم القدرة على النشر بطريقة ابتكارية -استدلالا بعدد متابعيهم، لم يقوموا بالدور المتوقع منهم- علماً بأن المؤثر الحقيقي هو بحجم القضايا الوطنية التي يتصدى للدفاع عنها ونشرها وتعريفها بالناس فالتوظيف الجيد لشبكات التواصل يخدم قضايا الوطن.

تعليق عبر الفيس بوك