يسقط المطر.. فتغرق الشوارع!

 

مدرين المكتومية

رغم كل هذه السنوات والعقود من المشروعات التنموية في شتى المجالات، وخاصة البلدية، إلا أننا ما زلنا مع سقوط القليل من المطر تتعطل حياتنا، ونتعرض لخسائر كبيرة وحركة مرور صعبة، وكأننا قد خرجنا من عاصفة مدارية مدمرة!

أما آن الأون أن يُعاد النظر في مسألة تصريف مياه الأمطار والأدوية بشكل جدي، خاصة وأن سلطنة عمان أصبحت معرضة للأنواء المناخية بشكل مستمر، لذلك كان ولا بُد من العمل بشكل أساسي على تطوير البنية الأساسية؛ كونها الأساس خاصة خلال المرحلة المقبلة.

إننا إذا ما وضعنا أنفسنا بمقارنة مع غيرنا من الدول سنُلاحظ ونجد أن هناك الكثير من دول العالم يستمر فيها هطول الأمطار لأسابيع وأشهر، لكن الحياة تمضي طبيعية دون أي توقف، والجميع يمارس حياته دون أدنى تأثر، لا على مستوى إنجاز المعاملات ولا تعطل الطرق، ولا حتى ترسب مخلفات الأمطار في الشوارع. الجميع في هذه الدول يستيقظ يوميًا وكأنه الأمس، على العكس معنا بمجرد ما تسقط الأمطار نجد أنفسنا محاصرين بمجاري الأودية، والمياه التي تغمر الشوارع، حتى الرئيسية منها، دون تصريف، والمخلفات التي تركتها الأمطار، ناهيك عن الخسائر البشرية والمادية التي يتعرض لها الأفراد والمجتمع.

لا بُد من إعطاء هذه القضية أولوية قصوى خاصة في محافظة مسقط، لأنه ليس من المنطقي ما نراه يحدث في العاصمة مع كل هطول للأمطار، فالعاصمة يجب أن تكون مدينة حيوية بكل المقاييس، ولابُد من العمل بعين الاعتبار في التفكير الأول في البدء على تطوير وتحسين هذه المسألة ومن ثم الانتقال لمشاريع أخرى؛ لأن كل هذه المشاريع والاستثمارات تحتاج لبنية أساسية واضحة الملامح، ومناسبة لأي أعمال، ولا يتوقف العمل في أي منها بمجرد هطول أمطار ليلية واحدة.

وحتى أبتعد عن التنظير، دعونا نلقي نظرة على الخسائر الأولية التي رصدناها فقط صباح الإثنين من سيارات غرقت بالكامل في منطقة الغبرة ومواقع أخرى مثل مطرح، والمتجر الشهير المجاور لجامع السلطان قابوس ببوشر، الذي يغرق للمرة الثالثة في أقل من سنة، ومئات الأفراد الذين لم يمكنوا من الوصول لمقار عملهم، أو منهم من تأخر في الوصول، وكذلك المعاملات التي كان من الضروري أن تُنجز ولم تنجز في ذلك اليوم، وهذه لو وضعنا حسبة بسيطة ستقدر بملايين الريالات، خاصة وأن الحياة تصل فعلًا إلى حد التوقف.

للأسف، هناك من يجدها فرصة لعدم الذهاب للعمل، ويصبح العذر "الشوارع مسكرة"!!

فكيف نسمح ونحن في العام 2022 أن يكون عذر موظف أو أي شخص آخر من القيام بمهامه أن المطر أغلق الطريق، فلم يعد من المنطق أن تتحمل معاملات التأخير بسبب هذا النوع من الأعذار والقصور.

إنَّ الحل الوحيد لهذه المشكلة الكبيرة التفكير في عدم تكرار هذه الحوادث، من خلال إقامة قنوات تصريف للمياه في كل الشوارع، وليس فقط الشارع العام، وأن تتأهب البلديات قبل هطول المطر بالمعدات وسيارات شفط المياه وغيرها. اقتصادنا يمر بمرحلة تطور ينبغي أن يواكبها تطورٌ مماثل على مستوى العمل البلدي؛ إذ لا يُعقل أننا لا نستطيع تصريف مياه الأمطار في دولة أنفقت المليارات على البنية الأساسية على مدى 51 عامًا.. إنني أرجو عندما تهطل الأمطار في المرات المقبلة أن أستطيع- أنا وغيري- الذهاب إلى أعمالنا، والعودة إلى منازلنا وبلادنا دون أن نجد لافتة مكتوب عليها "الطريق مُغلق بسبب الأمطار"!