القفز نحو المستقبل

 

د. سليمان المحذوري

abualazher@gmail.com

 

بدأت عُمان رحلتها المستقبلية رؤية "عُمان 2040" من أجل الوصول إلى مصاف الدول المُتقدمة، وقد تضمّنت الرؤية 12 أولوية وطنية؛ وفي هذا المقال سأركز الحديث على أولوية "تنمية المحافظات والمدن المستدامة" ضمن محور الاقتصاد والتنمية.

وتحقيقًا لأهداف هذه الأولوية أصدرت وزارة الاقتصاد منشورًا يُعنى بالبرامج الاستراتيجية التي ستنفذ خلال خطة التنمية الخمسية العاشرة 2021-2025، وكان من نصيب تنمية المحافظات 28 برنامجًا استراتيجيًا؛ مما يعطي دلالة واضحة على اتجاه الحكومة نحو التنمية الشاملة للمحافظات باتباع أسلوب اللامركزية؛ وصولًا إلى تحقيق التنمية المستدامة للمحافظات.

وفي منتصف مارس من العام الفائت أطلقت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني الاستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية لتعمل بشكل متناغم مع تحقيق أهداف الرؤية بالتركيز على "توازن وتكامل التنمية بين المحافظات بناءً على المقومات والميزة النسبية لكل محافظة". ولا شكّ أنّ لقاءات حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بشيوخ وأعيان محافظات الداخلية والوسطى وشمال وجنوب الشرقية في حصن الشموخ بولاية منح، تُعطي مُؤشرات لا تخطئها العين بشأن التأكيد على أهمية تفعيل اللامركزية الإدارية، وتعظيم الميزة النسبية لكل محافظة. وخلال هذه اللقاءات أكّد جلالته -أعزّه الله -على دعم هذا التوجّه الحكومي من خلال التوجيه السامي برفع الموازنة المُخصصة لتنمية المحافظات إلى 20 مليون ريال عُماني لكل محافظة لتنفيذ مشروعات وبرامج الخطة الخمسية الحالية. وبالنظر إلى هذه المعطيات سالفة الذكر نجد أنها تشي بجلاء إلى الرغبة الأكيدة من الحكومة في الوصول إلى الهدف المنشود، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمحافظات اتساقًا مع التوجهات المستقبلية للدولة. ومن ثم؛ فإنَّ الكرة الآن في مضرب المحافظين للعمل على تنفيذ هذه الرؤية وفقًا لخصوصية كل مُحافظة عُمانية، وما تتمتع به من مقومات ثقافية واقتصادية وسياحية. ولا ريب أنّ هنالك حاجة ماسَة إلى استقطاب الكفاءات الوطنية من جهة، ومن جهة أخرى تأهيل وتدريب الكوادر البشرية سواء كان في مكاتب المحافظين أو مكاتب الولاة للاضطلاع بهذا الدور المحوري.

وتأسيسًا على ذلك؛ فإنّ البوصلة تتّجه الآن إلى تنفيذ البرامج الاستراتيجية الواردة في وثيقة وزارة الاقتصاد المُشار إليها، وربطها مع الاستراتيجية العمرانية للمحافظات، وبالتالي العمل جنبًا إلى جنب وبصورة متناغمة مع الجهات الحكومية، والمجالس البلدية، ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها من الجهات ذات العلاقة. كما يُمكن ابتكار مشاريع نوعية؛ والمزاوجة بين المشاريع التنموية والاستثمارية استنادًا إلى الميزة النسبية لكل محافظة، والسعي نحو التكاملية مع المحافظات الأخرى بعيدًا عن التكرار الذي لا يخدم الرؤية المستقبلية. ومن هنا؛ يُمكن القول وبثقة إنَّه لا مجال للتراخي، ولم تعد المرحلة تحتمل البيروقراطية المقيتة، ومن حق المواطن أن ينعم ويجني ثمار الرؤية أولًا بأول؛ من خلال خارطة طريق واضحة المعالم بشأن ما سيتم تنفيذه من برامج ومشاريع بشكل سنوي وصولًا إلى 2040.