اجتهدوا في اختيار المسؤولين

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

عندما نذهب أبعد من مجرد قراءة مشهد الحياة التي نعيش تفاصيلها اليوم، سنرى دولًا وحضارات وعادات؛ بل وديانات مًختلفة، ومن بين الكثير من تلك الحضارات التي ظهرت على مرِّ الزمان تجد لها وصفًا يكون سمةً لأقوام معينة، ومع ذلك تجد من يؤمن بها خارج مناطق نشأتها، فيقلد البناء وطريقة الزراعة وتأمين الغذاء، وكذلك الصناعة.

غير أن الأهم من كل ذلك تجد أن بعض الدول أيضًا تستفيد من التنظيم الإداري لتلك الحضارات وتقوم بتأسيس نظام حكومي يستقطب الكثير من الأسس والنظريات، وهذا الأمر ليس به أي سوء، إلا أنَّ الأمر وإذا تمت محاكاته بتعمق- كما أسلفنا- فإن تطبيق النظريات للحضارات ومسايرة تطور العالم بحاجة- قبل كل شيء- إلى فهم من الجميع، من منطلق المصلحة العامة لتنظيم أي دولة، وكذلك فإن الإجماع والتوافق على توجه وطني معين، يُشعر كل فردٍ فيه بأنه شريك في صياغة وقبول ذلك التوجه، وسيُنظر إليه على أنه الأفضل على الإطلاق.

وفي جزئية أخرى من كل ذلك، وعندما ننتظر استجابة مُناسبة من المجتمع، فإنَّ كل من يضع مسؤولين ليقوموا بحماية ما يتم الاتفاق عليه وفقط من خلال تسخير كل شيء في خدمة الشعوب وتسهيل المصاعب التي تواجههم، وفتح آفاق إيجابية لحياة أفضل متجددة متطورة، كان لزامًا أن يكون المسؤول- وخاصة في المواقع التنفيذية- على درجة كبيرة جدًا من المواصفات التي تناسب المرحلة؛ لأنَّ وجوده أصلًا كان لخدمة من حوله، وتمثيل مصالحهم وخدمتهم، وحتى إن أُعطي الكثير من المُستلزمات؛ كالمكتب الراقي والسيارات وغير ذلك، فهذا لا يعني أن ذلك لشخصه، إنما هو لخدمة النَّاس في المجال الذي عُيّنَ فيه، وعليه أن يقوم بواجبه من منطلق التسهيل والخدمة، وإيجاد الحلول، وإلا يمكن أن يكون بديله المنسق أو حتى الحاسب الآلي.

وإذا عدنا إلى ما سبق، فإنَّ نظرية "فاقد الشيء لا يعطيه" مناسبة تمامًا في هذا الجانب، وقد لا يكون لأي مسؤول ذنب، إذا لم تتوافر فيه كل المواصفات، وإنما الخطأ الجسيم كان على من اختاره ليكون في هذا المنصب، ومن المؤكد أنَّ هناك من هو أفضل منه!

وأخيرًا.. إنني أطلق دعوة لعلها تجد الآذان الصاغية، وألتمس كل إنسان معنيٍّ بالمسؤولية أن يستمع إليها ويطبقها، وذلك باختيار من تكون له صفات ومزايا خلق عليها وأولاها الرغبة الصادقة والحقيقية في خدمة الناس، وحب التسهيل والإبداع، وإيجاد الحلول، والبعد كل البعد عن أشخاص وجدت بهم صفات تناسب البرتوكول، وتساير هوايات المسؤول الأكبر، غير أنهم شخصيات لا تقدم الخدمة المناسبة للمجتمع.

لذلك.. فإنَّ أولوية خدمة البشر هي التي يجب أن تكون في واجهة الاختيار، فمثلاً من يُعيّن كمدير عام مثلاً وتذهب إليه لحلِ أمرٍ ما وتجد أنَّه ليس على مُقدرة حتى من مجرد تبادل الحديث واختيار الحلول، فتتساءل كيف تم تعيينه في منصبٍ كهذا، وهناك في الصفوف الثالثة والرابعة من هم أجدر منه، ثم نعود لنلقي اللوم على الحكومة، في حين أننا جميعًا نُكمل بعضنا البعض، إذا اخترنا الطريق الصحيح في خدمة أوطاننا وأنفسنا برغبة مُجتمعية صادقة ومنسقة ومحمية بالقانون الذي اخترناه لأنفسنا.