مخك لا يجيد سوى لغة الإشارة

 

عائشة السريحية

 

عزيزي القارئ، يتجدد لقاؤنا مرة أخرى، وأرغب في أن أقول لك شيئًا، إن كل أفعالك هي أفكار، وكل نتائج أفعالك هي أيضًا أفكار.. بالفكرة تبني، وبها تهدم، بالفكرة تتخذ قرارًا، وبها أيضًا تتردد، أفكارك قد تصبح ثورية، وأفكارك قد تجمد، بالفكرة تفرح، وبالفكرة تقتل، أفكار قد تلبسك ثوب قداسة، وأفكار قد تجعلك شيطانا ملعونا، أفكار قد تكون حقيقة، وأخرى وهم تغرقك لحد الهذيان، أفكار تخلق لك جنة، وأخرى تلقمك جحيمًا لا يهدأ.

إن فكرة سلبية واحدة، تتجه بهدوء نحو جزء مُعين من مخك، ستزرع بذرة قلق، أو خوف أو وهم، ربما حزن أو ضيق، ثم تجتذب مجموعة أخرى من الأفكار السلبية، ويصبح لديك خط إنتاج لا يتوقف.

عزيزي القارئ.. أعرف أنك قد عرفت أو سمعت أو قرأت عن مغناطيس الأفكار، أو قوة الجذب، أو أيًا كان المسمى لها، ولعلك سألت نفسك يومًا: هل كل ما يقولونه صحيح؟! هل أستطيع أن أفعل قوة الجذب في رأسي؟! ويصبح هذا العضو من جسدي مصدرًا لجذب السعادة أو المال أو الصحة إلخ. لا أخفيك سرًا أني قد حاولت أن أُفَعل هذه القوة يومًا، وحين كنت أحاول أن أجذب الأشياء الجيدة، والسعيدة، أجد نفسي قد جلبت سيلًا من الأفكار السلبية، لم أتوقف عند هذا الحد؛ بل قرأت أيضًا عن علم الطاقة، وقررت أن أفعل "قوة الشاكرا" (جدلات الطاقة) كذلك، ولكني لم أفلح!!

كانت الأيام تركض والسنوات تمر دون أن أعي أن كمية الكتب التي قرأتها عن البرمجة العصبية، والتنمية البشرية، والطاقة، واستخدام القوة العقلية وإدارة الذات، قد تراكمت وبنت جبلًا وتحولت لمغناطيس يجلب الغبار، دون أن أحقق شيئًا مما ورد فيها، لكني بعد تلك السنوات، تعلمت شيئًا جديدًا وخاصًا بي، سأخبرك عنه عزيزي القارئ.. فلطالما وصلت لهذا السطر فأنت تستحق أن أكشف لك عن ستار سري الصغير، إنَّ العيب لم يكن في الكُتَّاب، ولا في الخبراء ولا في الكُتُبِ، لكنهم نسوا أن يوضحوا في كتب التنمية البشرية، أنَّ العقل عضو يحتاج لمواد أساسية كي يستطيع أن يُكمل عمله بنجاح، فالمخ هو عضو حيوي تغذيه الدماء بالأوكسجين، والفيتامينات والمعادن الأساسية، التي يحتاجها كي ينتج طاقة التفكير.

اكتشفت أن النقصان في التغذية الصحيحة يؤدي لنتائج سلبية مهما كانت محاولات التفكير الإيجابي مُستمرة، لم أكن أعرف أن النحاس والزنك والحديد، هي أساسيات لبناء تفكير سليم، وأن مجموعة فيتامينات (ب) هي الرشة السحرية لجهازي العصبي، اكتشفت أيضًا أن المخ يشبه كثيرًا معالج الأجهزة الذكية، حين تحمله أكثر مما يجب، يصاب بحالة من التبلُّد، ثم يعبِّر عن ذلك بالصداع. تذكرتُ مقولة لنيكولا تسلا، ذاك العالم الذي استولى العلماء الآخرون في عصره على أفكاره واختراعاته؛ حيث يقول: "البشر روبوتات بيولوجية".

عزيزي القارئ.. إن أهم جزء فيك هو ذلك المخ وتلك الأعصاب الخارجة منه ولو جردتها من اللحم والعظم لرأيت ما يشبه المخلوق الفضائي، بقية أجزاء جسدك هي محركات مساعدة، ولذا فإن أفكارك وتوجهك ومبادئك التي تحملها، تسكن مخك. وما زلت أسأل نفسي ذات السؤال: هل أتحكمُ بمخي أم العكس؟ وإن كان المخ هو المُتحكِّم في الجسم، لم لا يضع فكرة من تلقاء نفسه ويخبر صاحبه أن لديه نقصًا في الإنزيمات أو المعادن أو الفيتامينات، بدلًا من أن يعبر عن نفسه بالنعاس والتبلد أو الألم والصداع، لذلك لابُد وأنك يا عزيزي القارىء قد خلصت للنتيجة معي، فدعنا نتشاركها معًا:

أولًا: أفكارك وصحة عقلك هي في الغذاء الذي تتناوله، إن نقص فسدت وإن سد حاجة مخك نشطت.

ثانيًا: أنت سيد أفكارك، ولكن عليك الحفاظ على المحرك (المخ) وانتبه جيدًا لإشاراته فهو قادر على جعلك تتحدث، لكنه لا يعرف سوى الإشارات.

ثالثًا: مخيلتك هي سبب سعادتك أو تعاستك، فلا تصنع لنفسك سجنًا في رأسك أنت في غنى عنه.

رابعًا: الهرمونات وتذبذبها تفعل فيك ما لا يستطيع عدو أو صديق فعله، وعندما تشعر أن هناك خللًا ما لا تتردد في فحصها.

خامسًا: الرياضة والتنفس العميق السبيل لإنعاش أفكارك، فالدم هو جدول الماء الذي تنبت على جانبيه الأفكار.

سادسًا: المعادن والفيتامينات هما الوقود الفاعل لتحريك قوة الجذب لديك، احرص على أخذ كفايتك منها.

سابعًا: وجود خلل عضوي ما في هذا العضو سيكون سببا لكثير من الأمراض النفسية والعقلية غير المفهومة، لذلك لا تهمل أي أعراض تتعلق بالرأس، وتبدو لك غير مهمة.

ثامنًا: ازرع كل يوم فكرة واعتني بها وتذكرها كل صباح وبعد مدة ستجد أنَّها قد أثمرت.

تاسعًا: ابتعد عن أصحاب الأفكار السوداء، والشخصيات المسمومة، فهم حتمًا سيحطمون الجمال بداخلك.

وفي الختام.. أتمنى لك عزيزي القارئ أن تنعم بمخ خالٍ من الملوثات، ومليء بالأوكسجين، وناضح بالمعادن والفيتامينات، ومخيلة تطير فيها الفراشات وتملؤها الزهور.