الدافعية في العمل بمنظومة إجادة

 

وليد بن سيف الزيدي

يمكن تعريف الدافعية بمعناها البسيط على أنَّها تلك الأسباب المادية أو المعنوية التي تدفع بصاحبها إلى إنجاز المُهمة بنشاط وهمة عالية، وبغض النظر عن طبيعة المهمة المراد إنجازها. وبمعنى آخر قد تكون المهمة المراد إنجازها على طريق الخير، وقد تكون العكس من ذلك والعياذ بالله، كما يمكن أن تكون دوافعها مادية أو معنوية أو الاثنان معًا.

فعلى سبيل المثال، إذا كان لدى المتعلم دوافع عديدة ومتنوعة سواء من الأسرة أو المدرسة أو الجامعة أو المجتمع أو سوق العمل؛ فإنَّ من المُتوقع أنه سيعمل بكل طاقته لتحقيق أهدافه التعليمية. كما يمكن أن يكون للسارق دافعية أيضًا في تحقيق أهدافه الشريرة. فهل اتضح معنى الدافعية التي أرادها الكاتب هنا، والتي من خلالها يُمكن فهم ما سوف يأتي في السطور اللاحقة؟

إنَّ من المعلوم أنَّ هناك توجه وإقرار داخل السلطنة حول العمل بمنظومة قياس الأداء الفردي "إجادة"، وحيث تم الإقرار بذلك خلال الفترات القريبة الماضية من العام الميلادي المنصرم. وفي سبيل ذلك فقد نفذت عدد من الورش المباشرة والافتراضية لعدد من أفراد المؤسسات الحكومية ومنها التعليمية، حول آلية صياغة الأهداف ونتائجها وكيفية وزمن تحقيقها على أساس أن تنفيذ العمل بها سيكون بداية من العام الميلادي الجاري 2022. وهذه من الأمور الجيدة التي أسعدت البعض من أفراد المجتمع والذين يعملون في هذه المؤسسات؛ كون أن هذه المنظومة ستُحقق أهدافًا جيدة حول السعي إلى تجويد العمل الفردي ومن ثم انعكاسه على المؤسسات والمجتمعات؛ من خلال ارتفاع معدلات الدافعية لدى الأفراد في الإنجاز فيما إذا كان تقييمهم فيها سيكون في إطار الصدق والدقة والموضوعية.

وحيث إنَّ هذا الأمر وفي فترات سابقة من السنوات التي مضت كان مصدر تساؤل عند البعض، لماذا يتساوى الأفراد في المكافآت والترقيات المالية والوظيفة السنوية منها والدورية دون النظر إلى العمل المُنجز من حيث تحقق الأهداف ودرجة تحققها؟ مما كان له آثار سلبية حول الدافعية عند البعض والذين يقل لديهم الوازع الديني في إنجاز الأعمال المسندة إليهم بشكل يحقق الأهداف العالية من حيث الأمانة والإخلاص. فجاء قرار العمل بمنظومة قياس الأداء الفردي "إجادة" ليجيب عن هذا التساؤل الذي طال انتظاره؟

لكن تبقى هناك عدة تساؤلات حول هذه المنظومة التي نفهم من خلالها أنها جاءت لترفع مؤشرات الدافعية لدى الأفراد حول تحقيق الأهداف التي تضمن إنجاز العمل بكل كفاءة واقتدار كل حسب موقعه في المؤسسات ومهامه المسندة إليه.

فهل نحن لدينا الجدية في العمل بمنظومة قياس الأداء الفردي سواء من الجهات الرسمية المُقرة لها والقائمة عليها أو من المُستهدفين من الأفراد في المجتمعات؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يتم وضع سقف زمني ثابت لبدء العمل بالمنظومة حتى يكون هناك نوع من الجدية في العمل بها ومنذ بداية انطلاقها؟ لماذا يتم تمديد بدء العمل بها من توقيت لآخر؟ أليس هذا الأمر يقلل من الدافعية والثقة لدى أفرادها في التعامل معها ؟ لماذا العديد من الأفراد تقل لديهم الدافعية في التعامل مع منظومة إجادة من خلال وضع أهدافهم ومؤشرات أو نتائج العمل بها؟ هل بسبب حداثة التجربة أم بسبب قلة الوعي عند البعض حول تقبل التغيير أم بسبب تراكمات الماضي التي أضعفت الثقة لدى البعض؟ أليست هذه الأسباب وغيرها تعمل على تقليل الدافعية نحو العمل بها؟ أليس هناك مكافآت مالية سنوية وترقيات مالية دورية وترقيات وظيفية لكل فرد يُحقق أهدافه في دورته التقييمية في المنظومة؟ إذن لماذا حتى اليوم ما زال هنالك عدد من الأفراد لم يُقبل على التعامل مع المنظومة؟

طيب.. في حالة تم التعامل مع المنظومة، هل يُسمح بوضع هدف واحد طيلة الدورة التقييمية؟ هل هناك فرق بين من وضع هدفاً واحداً في المنظومة وبين من وضع ثلاثة أهداف أو أكثر؟ أليس وضع عدد محدد من الأهداف سيُساعد على إهمال بقية الأعمال أو الأهداف التي لم يتم إدخالها في المنظومة؟ هل محدودية الأهداف المُدخلة في المنظومة ستحقق الجودة في العمل بشكل شامل؟ أليس هذا الأمر سيساعد على التركيز لأهداف معينة وإهمال أهداف أخرى لم تدرج ضمن المنظومة؟ لماذا الذي يحصل على الدرجة الخامسة في التقييم من أصل خمس درجات هو فقط الذي يستحق المكافأة أو الترقية؟ أين موقع صاحب الدرجة الرابعة على الأقل من المكافآت أو الترقيات المالية والوظيفية؟ لماذا يتم وضع نسبة محددة وقليلة مسبقًا مقارنة بأعداد أفراد تلك المؤسسة الذين سيحصلون على الترقية ممن حصلوا على الدرجة الخامسة في التقييم؟ فما مصير الأفراد الذين حصلوا أيضًا على الدرجة الخامسة ولكن النسبة المحددة مُسبقًا لا تسمح بترقيتهم خلال الفترة المحددة من ذلك العام؟ هل يمكن الاستغناء عن بعض المسميات الوظيفية القيادية داخل المؤسسة الواحدة بعد أن أصبحت عملية التقييم الحقيقية يملكها المسؤول المباشر داخل تلك المؤسسة؟ هل هنالك تجارب إقليمية أو دولية لهذا النوع من التقييم في قياس أداء الأفراد؟ وما هي هذه التجارب؟ وما درجة نجاحها؟ لماذا لا يتم التعريف بها؟

 ما القصد من هذه التساؤلات؟

القصد منها هو نقل ما يشعر به البعض من المستهدفين من أفراد منظومة إجادة إلى الجهات المعنية بها؛ بهدف تذليلها والعمل على رفع مؤشرات الدافعية في الإنجاز لدى أفرادها بما يحقق الرفعة للفرد والمؤسسة داخل الوطن العزيز عُمان.

والله الموفق.

تعليق عبر الفيس بوك