نعمة الذهب الأسود

 

صالح بن أحمد البادي

 

بفضل من الله أتت نعمة النفط لتنقذ المنطقة بأسرها من حال اقتصادي واجتماعي لا يسر أبدًا. كان العام 1967 عامًا غيَّر من خطط السلطنة تمامًا واستطاع الوطن الانتقال لعهد النهضة المباركة المتجددة.

أكتب في هذا الأمر لأن الكثيرين أصبحوا يتحدثون عن النفط كنقمة، وهذا خطر كبير على النعم التي قد تتحول لنقم ما لم نشكر الله قولاً وفعلاً. لأن النعم ثباتها بالشكر واستدامتها بالحمد. ومهما علمنا وتعلمنا يبقى علم الله جلَّ وعلا هو العلم الأبدي والأزلي. والله يحب الحامدين الشاكرين. ونعمة النفط لو لم تكن بالمنطقة لكنَّا في عالم مختلف تمامًا ولظللنا على وضع مزرٍ اقتصاديًا وماليًا.

الشركاء والمستثمرون وكبار رجال الأعمال بالمنطقة بما فيها عمان خلال أول 30 سنة من اكتشاف النفط على الأقل هم فقط من قادة النفط العالمي أو شركائه أو متداوليه أو خبرائه أو مستشاريه أو مشتريه أو مضاربيه. ثم أتت بعد ذلك القطاعات الأخرى تباعًا كموارد والتي بناها النفط من إيراداته وحر ماله وصنعها الإنسان بفضل من الله عظيم.

لم يكن النفط ثروة لو لم يمكن الله للنفط ويمنح هذا المنتج بفضله أهمية كبرى عالمية. فالعالم كله وقف ويقف على رجل واحدة من أجله ولأجله. أي أن الثروات نعمة عندما يقيمها العالم كثروة فقط وما أثر ارتفاع سعره وانخفاضه على العالم إلا دليل ذلك . فالحمد لله ليس فقط لأنَّ هناك نفط بل لأنَّ النفط قيمه العالم كثروة رقم واحد عالمياً ومدخل لكل اقتصاد وأساس لكل نمو.

جابت الأساطيل العالمية لأجله الأرض وتفانت غرف مغلقة لصناعة استراتيجيات له وتحولت مجتمعات اقتصادية ومالية تخدمه. ليس ذلك فحسب لكن الله بفضله ثم بمن وفقهم لإنتاجه تمكنوا من إنتاجه واستخراجه ليكون منتجًا مستخدمًا ثم مكن الإنسان العالم لتكريره وإقامة صناعات عليه متعددة.  إن هناك دول وعالم من الفنيين والاقتصاديين والمؤسسين والمستثمرين والمروجين والفاعلين والأسواق العالمية وشركات عابرة للقارات ومضاربات سعرية وسندية بل ومؤسسات عالمية كبرى يعمل بها عشرات الآلاف من الموظفين وملايين منهم عالميا تقوم كلها على النفط الذي وهب الله دول الخليج ثلثه الإنتاجي ووهب العالم كله ثلثين اثنين ولله الحمد. هل لكم أن تتخيلوا حجم العالم الذي يعيش على قطاعات كلها مرجعها الذهب الأسود.

لقد حبا الله المنطقة الخليجية بأن جعل ثلث النفط الخام يصدر من منطقتنا للعالم. نحن بعيدون بعد المجرات أن نكون بشريا ثلث العالم وبعيدون كل البعد جغرافياً أن نكون ثلث العالم وبعيدون كل البعد أن نكون إحصائيا كأحجام اقتصاد أن نكون ثلث العالم. لكن قدر الله وفضله أن نمكن من تصدير ثلث النفط العالمي ليمر عبر أحد أهم مضائق العالم والذي قدر الله لنا أن تكون عمان حارسه الأمين.

ولذلك قبل أن ننطق بكلمات إن النفط جعلنا لا نُفكر في تنويع مصادر الدخل علينا أن نفكر ونتفاكر بعقل مُنفتح وتركيز عميق. نعم يحق لنا أن ننظر مشجعين بتنويع مصادر الدخل وأمنائه وهذا صحيح ولكن ليس من الحق أن تبطر النعم فتقذف النفط بألفاظ هزيلة وهو أي النفط نعمة كبرى لأنها قد تذهب بلا رجعة ما لم نشكر الله عليها، كما أن الأساس في النقاش مختلفان تماما وليس لهما علاقة بالآخر.