الأبواب المفتوحة أم المغلقة؟!

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

khalid.algailni@gmail.com

@khaledalgailani

 

اختلف أهل الاختصاص في أيِّ الأمرين أكثر جدوى ونفعاً، هل من المناسب فتح أبواب المؤسسات ومكاتب المسؤولين فيها أمام المراجعين وذوي الحاجات؟ أم إغلاق هذه الأبواب؟ وتفعيل ما يُسمى بخدمة المراجعين.

وحقيقة الأمر أنَّ لكل أمر صفاته وسماته، ولكل طريقة أثرها من حيث سرعة الإنجاز وجودته، ومن حيث رضا المراجعين وقناعاتهم.

لكن غلق الأبواب أمام المراجعين في المؤسسات الحديثة والاكتفاء بعدد من الموظفين للرد عليهم عبر خدمات المراجعين، والحجة التي تساق في هذا الأمر أن يجد الموظف الوقت المناسب والكافي لإنجاز مهامه، والقيام بواجباته، وقد نسي أو تناسى أن الهدف من وجوده خدمة المراجع وتحقيق متطلباته كل في مجال اختصاصه، وحسب دوره ومهامه.

إن سياسة "ممنوع الدخول" التي تنتهجها العديد من المؤسسات الخدمية لم تعد مناسبة في ظل توجهات البلاد نحو اللامركزية، وتطبيق أنظمة الحوكمة، وتبسيط الإجراءات، وتحقيق الكفاء المطلوبة في الخدمات، والعمل على تقديم خدمة تجد الرضا والقبول من متلقي هذه الخدمة.

يحكي لي أحد الأصدقاء ممن أثق فيه، أنه كان في زيارة لإنجاز معاملة في دولة شقيقة، فأُخبر أن الأمر بيد رئيس تلك الوحدة، فحار في أمره؛ إذ كيف يمكن إنجاز العمل بهذا الشكل؟ وكيف يصل إلى رئيس الوحدة؟ عمومًا ذهب صاحب الحاجة إلى مكتب رئيس الوحدة، وإذا هو أمام منسقه وبينه وبين هذا المسؤول الرفيع باب وأول ما لفت انتباه هذا الزائر صاحب الحاجة المتجشم مشاق الطريق وعناء السفر أنَّ هناك بابًا مفتوحًا على مصراعيه، بادره المُنسق: تفضل آمر، قال له عندي موضوع يحتاج إلى موافقة الوزير، فردَّ المنسق بكل بساطة تفضل معاليه في مكتبه، دخل وأنجز عمله وخرج في أقل من خمس دقائق وهو يسأل نفسه هل ما حدث حقيقة أم خيال؟!

إن متطلبات المرحلة المقبلة لا تحتاج إلى أبواب مُغلقة موصدة بالشكل الذي نراه في معظم المؤسسات الخدمية، إنما لابد من ترك العمل بالأبواب المغلقة والتحول إلى سياسة الأبواب المفتوحة، وقد قالها مولانا السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- إن المسؤولين وزراء ووكلاء وغيرهم هم في خدمة الوطن والمواطن، ومن حق هذا المواطن أن يجد الطريق سهلاً في الوصول إلى من أوكل إليه مولانا السلطان خدمته، والقيام على حاجته، وتوفير متطلباته، كما أنَّ هذه السياسة للأبواب المفتوحة، تعمق الصلة بين المؤسسات والمواطنين، وتضع الأمر في نصابه بكل أريحية وهدوء، وتمكّن هؤلاء المسؤولين من الوقوف على حقائق الأمور.

وهي كذلك من صفات القيادة التي يجب أن يتمتع بها المسؤول، ويتصف بها كل في مركزه، وهي كذلك متسقة مع متطلبات رؤية "عمان 2040"، ومتفقة مع الأهداف الوطنية الرائدة في هذا الجانب.

آن الأوان للتخلي عن سياسة الإغلاق المحكمة للعديد من المؤسسات وفتح القنوات مع أصحاب الحاجات والمراجعين بالشكل الذي يمضي بنهضتنا المتجددة بخطى ثابتة راسخة، ولم يعد مبرراً هذا الإغلاق للأبواب مع الرغبة السامية لترشيق الأداء وتبسيط الإجراءات. وحقيقة القول إن الموظف الحق هو الذي يستطيع تقسيم وقته بين استقبال المراجعين وقضاء حاجاتهم وأداء مهام عمله، وإتقانه فيها فهذه من تلك لا يمكن الفصل بينهما.

حفظ الله عُمان وطنًا للخير والعطاء، وحفظ مولانا السلطان قائدًا مُلهمًا يسعى لخير الوطن والمواطن، وحفظ لأبناء عمان الراحة والاطمئنان وتحقيق الأهداف والغايات.