التعايش هو الحل

 

د. خالد بن علي الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

مضى أكثر من عامين على انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) وما تبعه من متحورات، وجهود كبيرة بذلت، وأموال طائلة أُنفقت للتقليل من خسائره البشرية والمالية والمعنوية والنفسية، أخذنا اللقاحات والتزمنا التعليمات وتركنا الصلوات بالمساجد والأفراح والمناسبات وجربنا الحظر الجزئي والكلي ولم نصلِ الجمعة لفترات طويلة وحرمنا من صلاة العيد وأصابنا ما أصابنا من خسائر تجارية واقتصادية، وبعد هذا علينا أن نطرح سؤالا: ماذا بعد؟

إنَّ هذا السؤال لا بُد أن تسأله الجهات المعنية بمتابعة هذا الفيروس وتجعله عنوانًا لكل ما تقوم به وما يصدر عنها من قرارات، عليها أن تدرك أننا قُمنا بكل ما تفضلت وبادرت وأمرت به وبذلنا معها كل الجهود التي يمكن أن تُبذل، وبعد مرور عامين على هذه الأزمة لابُد من وقفة نقف معها جميعًا، لا يعقل ما يحصل ولا يمكن لبشر تحمل هذا الأمر، لا طاقة لنا بهذا، ولا طاقة لنا للعودة لمحور الإغلاقات بكل أنواعها والحظر الكلي والجزئي، عليكم أن تراعوا الظروف المادية والاقتصادية والتجارية الصعبة التي تحمّلها الناس في هذا الوطن الغالي لمدة عامين، هناك شباب خسروا أحلامهم وفقدوا وظائفهم وتعطلت أعمالهم التجارية الصغيرة والمتوسطة، هناك فئات من أبناء هذا الوطن زج بهم في السجون نتيجة الإغلاقات المُتكررة وهناك من ينتظر على أبواب المحاكم.

لو أجرينا استفتاءً شعبيًا لأدركنا أنَّ أغلب الشعب لا يرغبون في الرجوع إلى الخلف ولا يرغبون في مزيد من إجراءات الغلق والحظر وغيرها؛ لأنهم قدموا الغالي والنفيس خلال تلك الفترة، نعم راحت أرواح نتيجة الفيروس، لكن لم يثبت فعليًا أن هذه الإغلاقات التي نفذت سابقاً كانت هي العامل الرئيس في تقليل عدد  الوفيات أو الإصابات، عليكم غرس ثقافة النظافة والالتزام بالتباعد ووضع الكمام، لكن لا تفرضوا أي إغلاق، فلم يعد الشعب يتحمل ولا يُطيق هذا الفعل، هناك دول عظمى طبقت مبدأ التعايش مع الفيروس والتعود عليه، ونحن لسنا أفضل منهم في التقدم الصحي والتكنولوجي؛ بل إنَّ هذه الدول هي من صدرت لنا اللقاحات وهي من تعمل ليل نهار في إيجاد علاج لهذا الفيروس وما يتحور عنه.

إننا نطالب الحكومة الرشيدة واللجنة العليا والجهات المعنية بإصدار قرار بفتح كل الأنشطة والمؤسسات وعودة الحياة إلى طبيعتها والتعايش مع هذا الفيروس وغيره من المتحورات. ندرك أن الحكومة نفسها خسرت الكثير من جراء قرار الإغلاقات، لكن الحكومة تستطيع التعويض وتدارك الأمر، إلا أن الفقير والمسكين وصاحب الحاجة ومن يعيش على اليومية وصاحب المشروع الصغير والمتوسط وغيرهم الكثير، لا يستطيعون تحمُّل المزيد من الإغلاق.

إننا أبناء هذا الوطن الغالي نؤمن إيمانًا تامًا أن حكومتنا تسعى جاهدة لحفظ أرواحنا من الهلاك، ونشهد بأنكم قد أديتم الأمانة وبذلتم ما يمكن بذله لتحقيق هذا الهدف النبيل وحفظ الروح البشرية، لكن بما أن الفيروس قد مضى عليه عامان وخفَّت حدته، فإنَّ التعايش معه أصبح ضرورة، وهو الخيار الأنسب والأفضل والمطلوب في هذه الفترة.. إننا نكرر الدعوة لضرورة صدور قرار يفضي إلى التعايش مع هذا الفيروس لاكتساب مناعة مجتمعية، فوائدها بحول الله أكثر من مضارها، ودمتم ودامت عمان بخير.