كلّ يرى بعين طبعه

 

فاطمة هبيس الكثيرية

 

فكل شخص تتمحور حياته حسب أفكاره: فهناك التعيس الذي لا يرى إلا الظلام الدائم، فقد أعماه الله عن كل ما في الكون من جمال، وتقوقع حول ذاته التعسة.

فنرى الزوجة التي تشتكي من زوجها الذي لا يهتم بها رغم أنه وفر لها كل وسائل الراحة، فقد بنى لها بيتًا خاصًا؛ فأخذت حريتها هي وأبناؤها، كما أنه جلب لها خادمة، ووفّر لها سائقًا، ووضع لها راتبًا شهريًّا يفي باحتياجاتها أيضًا، ورغم كل ذلك تشتكي إهمال زوجها لها؛ فتقلب البيت إلى منزل كئيب لا روح فيه. وقد يصل ببعضهن الأمر أن تفرق بين الإخوة وتبعده عن كل أهله، وكأنها عقدت عقدًا مع الشيطان أن تحرم زوجها من أهله، وتقطع الأرحام، وقد قال الله تعالى: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم" صدق الله العظيم.

وكذلك قد نرى الزوج الذي يحرم زوجته من بعض حقوقها كمنعها من زيارة أقاربها مع أن هذا لا يجوز شرعاً، وبه قطع الأرحام. وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة قاطع رحم".

وفي المقابل نرى السعيد الذي يستمتع بأقل الأشياء؛ فكلمة طيبة تسعده، وهدية رمزية تفرحه. إسعاد غيره هو قمة سعادته فوجوده في حياتك نعمة قد لا تدرك ذلك إلا عندما تفقده.

وهناك من يجمد أفكاره حتى لا تستطيع أن تفرق بينه وبين البهائم وكأنه في غيبوبة دائمة، فهو لا يفكر حتى لماذا خلقه الله؟ ولا يفكر كيف يصنع هدفًا لحياته؟

كل ما يهمه ويشغله هو ما في أيدي الناس. لماذا هذا معه كذا وكذا؟ بل قد يصل به الأمر إلى الاعتقاد بأن له الحق في الحصول على ما في يد غيره! والمشكلة الأكبر أنه يصدق نفسه، ويستحل لنفسه أخذ عرق غيره! وقد يصل به غباؤه وعدم إدراكه إلى عدم التفكير حتى في نهايته وفي ساعة رحيله، ولا ما ينتظره في آخرته، وكأنه مخلد في هذه الدنيا! ونسي أنها الفانية التي لا تبقى ولا تدوم لأحد؛ مما يجعلك تشفق على مثل هذه النوعية من البشر، بل قد يجعلك تتعجب أي نوع من المخلوقات هذا؟

جعلنا الله وإياكم ممن أنعم الله عليه بنعمة نقاء القلب وصفاء الروح والسعادة في الداريين.

تعليق عبر الفيس بوك